أسلحة نوعية للأردن.. هل دخلت المملكة مربع الرسائل الأمريكية لإيران؟
سياقات - فبراير 2022
تحميل الإصدار

الحدث

• وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على صفقة عسكرية محتملة لمصلحة الأردن، تشمل 12 مقاتلة “F-16 C Block 70″، و4 من طراز “F-16 D Block 70″، إضافة إلى محركات مركبات ورادارات ومدافع وأنظمة تحكم إلكترونية وذخيرة شديدة الانفجار ومعدات تشفير للاتصالات الآمنة. وذكر قسم الشؤون السياسية والعسكرية في وزارة الدفاع الأمريكية، الجمعة 4 فبراير/شباط، أن الصفقة تبلغ 4.21 مليارات دولار، وهي منحة لحلفاء الولايات المتحدة.
• وكان من اللافت أنه في الأيام القليلة التالية لهذه الصفقة، أعلنت وزارة الخارجيةالأمريكية، الثلاثاء 8 فبراير/شباط، عن صفقة أخرى محتملة لبيع منظومات إطلاق صواريخ موجهة متعددة الفوهات، والمعدات ذات الصلة، للأردن بكلفة تقديرية تبلغ 70 مليون دولار.

التحليل:

  • هذا الطراز هو الأحدث بين طائرات F-16، ويتمتع بمواصفات قتالية فائقة لا تتوافر في المنطقة إلا لدى جيش الاحتلال الإسرائيلي. حيث ينتمي لمجموعة الجيل الخامس، وهو جيل يتميز بقدرة كبيرة على تدمير الدفاعات الجوية، ومهام متقدمة على القتال في الجو، إلى جانب القدرة على الاستهداف من مسافات بعيدة.
  • تأتي الصفقة وفقا لطبيعة علاقة التحالف الاستراتيجية الأمنية والعسكرية بين الأردن والولايات المتحدة، والتي تقف فيها عمّان كحليف مفضل ومحوري في السياسة الأمريكية، وتحديدا للديمقراطيين، بعد فترة فتور كبيرة واجهتها المملكة بعهد الرئيس الجمهوري دونالد ترامب. وتعد هذه المنحة الأولى والكبرى بعد توقيع عمّان وواشنطن لاتفاقية دفاع في 31 يناير/ كانون الثاني، 2021، والتي أقرتها الحكومة في 17 فبراير/ شباط 2021، وسط اتهامات سياسية وبرلمانية وحزبية بانتهاكها للسيادة الأردنية.
  • سبق هذه الصفقة تسليم واشنطن 12 مروحية “بلاك هوك” جديدة في عام 2018 لتعزيز الاستقرار في الأردن، بينما بلغت قيمة المساعدات الأمريكية خلال السنوات الخمس الماضية 6.5 مليار أمريكي، ما يعكس المكانة الأمنية البارزة للمملكة، في رؤية واشنطن لمصالحها في الشرق الأوسط.
  • وقد لا تكون هذه الصفقة بعيدة عن سياق رسائل الضغط الأمريكية الموجهة لخصوم الولايات المتحدة في المنطقة، وعلى التحديد إيران وحلفائها في العراق ولبنان وسوريا واليمن. مع أهمية الإشارة لتواجد خمس طائرات من طراز إف35 فائقة التطور بصورة سرية في قاعدة موفق السلطي بمنطقة الأزرق القريبة نسبيا على الحدود السورية والعراقية منذ نحو عامين.
  • تأتي الصفقة وسط مفاوضات واشنطن مع طهران حيال الملف النووي، وقلق “إسرائيل” إزاء التوصل لهذا الاتفاق الذي تعتبره لن يوقف النفوذ الإيراني في المنطقة. ومن ثم فإن الصفقة تتناغم مع الحاجة لتعدد أشكال الرسائل الأمريكية لإيران لطمأنة حكومة الاحتلال من خلال زيادة قوة الردع في المنطقة ضد إيران ووكلائها، خاصة وأن موقع الأردن الذي يتوسط حلفاء إيران يساعد على لعب هذا الدور. كما أن الاتفاق العسكري بين الأردن والولايات المتحدة قد يسمح لواشنطن نفسها باستخدام هذه الترسانة إذا ما تطلب الأمر.
  • ومع ذلك هناك العديد من التحديات بوجه هذا التكديس الأمريكي للسلاح؛ حيث يلعب ثقل الوجود الإيراني في الجنوب السوري المدعوم من الفرقة الرابعة بجيش النظام والقريب من الحدود الأردنية، تحديا للحالة الأمنية الأردنية، ومجالا إيرانيا سهلا لتوجيه الرسائل، والعبث بالأمن الداخلي. كما أن سلاح الطائرات المسيرة الإيرانية بات فعالا بساحات المواجهات التي تديرها إيران بشكل مباشر أو بالوكالة، كما حصل مؤخرا حين ضربت مسيرات إيرانية أكتوبر /تشرين الأول الماضي، قاعدة التنف الأمريكية على الحدود السورية الأردنية ( تبلغ مساحة الحدود بين الأردن وسوريا 375 كلم، ومع العراق 181 كلم، ومع فلسطين المحتلة 360 كلم ).
  • ومع ذلك، فإن قدرة إيران على التأثير في الوضع الأمني الداخلي في الأردن تبقى محدودة لافتقارها لوجود جهات محلية موالية لها. كما لا يبدو مرجحا أن صانع القرار الأردني بصدد التخلي عن سياسة التماهي مع التوجهات الأمنية والعسكرية الأمريكية في المنطقة، التي يراها مفيدة لنظام الحكم سياسيا وأمنيا رغم المخاطر، وتحديدا بعد إقرار الأردن دستوريا تشكيل مجلس الأمن القومي المعني وحده برسم السياسة الأمنية والخارجية للمملكة بعيدا عن مؤسسات الدولة الأخرى ورقابتها.