السعودية “شريك حوار” منظمة شنغهاي للتعاون لكنّ “الشراكة الاستراتيجية” مستمرة مع أمريكا
سياقات - أبريل 2023
تحميل الإصدار

الخبر

أقرت المملكة العربية السعودية، الأربعاء، 29 مارس/آذار، الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون بصفة “شريك حوار” تمهيدا للعضوية الكاملة. جاء ذلك خلال جلسة لمجلس الوزراء ترأسها الملك “سلمان بن عبد العزيز” في مدينة جدة. من جانبه؛ قلّل المتحدث باسم الخارجية الأميركية “فيدانت باتيل” من أهمية الخطوة، التي قال إنّها “كانت متوقّعة منذ زمن”، وأضاف أن “لكلّ بلد علاقات تخصّه”.

عضوية السعودية بمنظمة شنغهاي للتعاون

التحليل: عضوية السعودية بمنظمة شنغهاي للتعاون ليست تحولا في سياستها الخارجية

تأسست المنظمة المعنية بأمور عدة بينها الأمن الإقليمي والتنمية في 2001، عبر 6 دول هي: الصين وروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان، وفي 2017 انضم لعضويتها الهند وباكستان، بينما انضمت إيران في سبتمبر/أيلول الماضي. وتغطي دول المنظمة 60٪ من منطقة أوراسيا، بعدد سكان يبلغ 3.2 مليارات، وبحجم اقتصاد يبلغ 20 تريليون دولار. وبالإضافة للدول الأعضاء؛ تتواجد 3 دول بصفة مراقب هي: أفغانستان وبيلاروسيا، ومنغوليا.

  • وفي عام 2008؛ أضافت المنظمة صفة “شريك الحوار” وفقًا للمادة 14 من ميثاق المنظمة، والتي تشير إلى دولة أو منظمة تتشارك أهدافها ومبادئها مع منظمة شنغهاي للتعاون، وترغب في إقامة علاقات شراكة معها. وتتمتع بصفة “شركاء حوار” دول هي: أرمينيا وأذربيجان وكمبوديا ونيبال وسريلانكا وتركيا، وانضم إليها في سبتمبر/أيلول الماضي مصر وقطر. في حين تقدمت كل من العراق و”إسرائيل” وجزر المالديف وأوكرانيا وفيتنام بطلب للحصول على الصفة ذاتها.
  • يؤكد الإعلان السعودي الرغبة في دخول محور الاقتصاد الآسيوي، خاصة بعد أن قللت المنظمة نسبيا شكلها الأصلي المتمحور حول الأمن في آسيا الوسطى، وتوجهت أكثر نحو التعاون الاقتصادي. وتأتي الفرص الاستثمارية في آسيا الوسطى، بما فيها إعادة الإعمار في أفغانستان، وتعزيز الروابط التجارية المهمة مع الصين والهند، في مقدمة المكاسب المحتملة التي تراهن عليها الرياض.
  • ويأتي الإعلان فيما تشهد علاقات الصين والسعودية تناميا منذ زيارة الرئيس الصيني للمملكة، أواخر العام الماضي، كما قبلت الرياض مؤخرا وساطة بكين مع طهران ووقعتا الاتفاق على عودة العلاقات. وتسعى السعودية للحيلولة دون أن تستأثر إيران بعلاقات استراتيجية مع الصين وأن تزاحم موقع طهران في الاستراتيجية الصينية كبوابة ضرورية للشرق الأوسط. وبالإضافة للصين؛ فإن روسيا هي قطب منظمة شنغهاي الآخر، ولا تخفي السعودية رغبتها في تطوير علاقاتها مع موسكو، “على كل الأصعدة”، بحسب وزير خارجية المملكة الأمير “فيصل بن فرحان” خلال زيارة لموسكو في مارس/آذار المنصرم.
  • وبالإضافة لوجود كل من تركيا ومصر وقطر كشركاء حوار، فقد أشار الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” في سبتمبر/ أيلول 2022، خلال قمة دول منظمة شنغهاي، إلى بدء عملية منح صفة شريك الحوار لكل من الكويت والإمارات والبحرين، وهي دلالة لافتة على أن نهج تنويع العلاقات الدولية بات سمة مهيمنة على دول المنطقة، كما يشير إلى تنامي علاقات الصين وروسيا بدول المنطقة، وهي علاقات ليس من الصعب ترجمتها لاحقا في صورة نفوذ سياسي يمكنه مزاحمة الدور الأمريكي في بعض المستويات.
  • ومع هذا؛ لا يعد انضمام السعودية للمنظمة تحولا في توازن العلاقات بين المملكة والولايات المتحدة؛ فالرياض تقترب من بكين دون أن تحرق جسورها مع الولايات المتحدة، ودون أن تبالغ في تحديد أهمية بكين في سياسة المملكة الخارجية، لاسيما وأن السعودية لا تزال على بُعد سنوات من أن تصبح عضوا كامل العضوية في منظمة شنغهاي. وحتى هذه العضوية لا توفر للسعودية متطلباتها الأمنية الحيوية، لاسيما وأنه لا يمكن مقارنة منظمة شنغهاي للتعاون بحلف شمال الأطلسي على سبيل المثال، فالمنظمة ليست تحالفا عسكريا، بل اتحاد اقتصادي سياسي فضفاض.