مبادرتان أمريكيتان لمواجهة الصين .. هل يمكن لواشنطن التغلب على بكين؟

بهدف التغلب على الصين والتصدي لطموحاتها التجارية الدولية، أطلق الرئيس الأمريكي مبادرتين ضخمتين، استغرقت أمريكا أكثر من 10 سنوات في تطويرهما.

  • المبادرة الأولى هي برنامج بنيةٍ تحتية عالمي يسعى لبناء مرافق بنية تحتية مادية ورقمية للربط بين عشرات الدول في آسيا وأفريقيا وأوروبا.
  • أما المبادرة الثانية فهي تكتلٌ تجاري بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ لتشجيع الشركات الغربية على الانتقال خارج الصين إلى أماكن أخرى في المنطقة.

فهل تستطيع واشنطن هزيمة بكين في لعبتها؟

منصة أسباب وبالشراكة مع Caspian Report، تقدم لكم في هذا الفيديو تفاصيل هاتين المبادرتين.

 المبادرة الأولى: البنية التحتية

قرر بايدن ورفاقه إطلاق شراكة البنية التحتية والاستثمار العالمي خلال قمة مجموعة السبع في شهر يونيو/حزيران 2022. وتعد هذه الشراكة إعادة ابتكار لمبادرة “إعادة بناء عالم أفضل” التي اقترحها بايدن من قبل، المبادرة السابقة سعت لمواجهة مبادرة الحزام والطريق الصينية وصيغت عام 2021 لكنها لم تحقق زخماً كبيراً رغم الضغط السياسي القوي ولم يمررها الكونغرس، اليوم توصل بايدن إلى اتفاقية جديدة لتقسيم أعباء التمويل عن طريق التحالف مع دول مجموعة السبع.

بنود المبادرة الجديدة

  • تنص على تعبئة دول المجموعة لـ 600 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة من أجل استثمارها في مشروعات البنية التحتية العالمية
    • أمريكا 200 مليار دولار
    • ألمانيا وفرنسا وإيطاليا 300 مليار يورو
    • المبلغ المتبقي من المملكة المتحدة وكندا واليابان
  • ستقام غالبية المشروعات في الدول متوسطة ومنخفضة الدخل
  • ستكون غالبيتها موجهةً إلى أربع فئات الطاقة المتجددة، والرعاية الصحية والمساواة بين الجنسين، والبنية التحتية الرقمية
  • المبادرة ستسمح للدول المشاركة أن ترى المزايا الراسخة للشراكة مع الديمقراطيات

جهود الصين متواصلة

  • الصين استثمرت نحو 800 مليار يورو حول العالم، وهو رقمٌ أكبر من الاستثمارات التي وعدت بها مجموعة السبع.
  • من المتوقع أن تستثمر الصين تريليونات الدولارات الأخرى عبر الأذرع الست لمبادرة الحزام والطريق خلال العقد المقبل
  • البيانات الصينية الرسمية تكشف توقيع بكين لأكثر من 170 اتفاقية تعاون مع 125 دولة بالإضافة إلى 29 اتفاقية أخرى مع منظمات دولية بطول آسيا، وأوروبا، وأفريقيا، وأمريكا الجنوبية 

عوائق تواجه مبادرة بايدن

في البداية سيكون من الصعب مضاهاة حجم ونطاق استراتيجية الصين الكبرى حتى بالنسبة لدول مجموعة السبع. أما المشكلة الأكبر التي ستواجه شراكة البنية التحتية والاستثمار العالمي تكمن في أن الولايات المتحدة سيئةٌ في استثمارات البنية التحتية بل هي سيئةٌ حتى في الحفاظ على البنية التحتية المادية داخلها ناهيك عن العمل في مشروعات البنية التحتية خارجها.

ولا عجب مطلقاً في أن عام 2020 شهد فوز الشركات الصينية بعقود خارجية قيمتها 2.3 مليار دولار، بينما جمعت الشركات الأمريكية عقوداً بقيمة 27 مليون دولار فقط.

ماذا قد تحقق المبادرة الجديدة؟

  1. يستطيع مشروع بايدن أن يزيد صعوبة المهمة على الصين إذ تستطيع شراكة البنية التحتية والاستثمار العالمي تزويد الدول ببديلٍ فعال للصين
  2. يمكن لخطة البنية التحتية الخاصة بدول السبع أن تقلل -حال نجاحها- من نفوذ بكين في بعض المناطق مثل أنجولا التي ستشهد استثمار ملياري دولار في مشروعٍ يعمل بالطاقة الشمسية
  3. سيجري استثمار 600 مليون دولار في بناء كابل اتصالات بحري يربط سنغافورة بفرنسا مروراً بمصر ومنطقة القرن الأفريقي
  4. بناء منشأة لتصنيع اللقاحات بتكلفة تبلغ ملايين الدولارات في السنغال
  5. ستعكف الشركات الأمريكية أو الأوروبية على تشييد هذه المشاريع وغيرها مما سيجعل شراكة البنية التحتية العالمية بمثابة استثمار سيولد العائدات للجميع 

إقرأ أيضاً:

نمو البحرية الصينية .. ما أهداف بكين لعامي 2030 و 2050؟

قاعدة للصين في كمبوديا وشراكة اقتصادية أمريكية في آسيا .. احتدام التنافس ثنائي القطبية

مسارات الصعود الصيني، تحالف محتمل مع 3 دول

“جزر سليمان” محطة جديدة في الطريق إلى الحرب الباردة بين أمريكا والصين

اجتماع الرئيس الأمريكي جو بايدن مع رئيس وزراء الصين

المبادرة الثانية: “الإطار الاقتصادي”

قبل شهرٍ من توقيع شراكة البنية التحتية أعلن بايدن عن اتفاق اقتصادي من نوع جديد في مايو/أيار 2022 يضم 13 دولة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، هذه الدول هي اليابان، والهند، وأستراليا، وكوريا الجنوبية وإندونيسيا، وتايلاند، وسنغافورة، وماليزيا والفلبين، وفيتنام، ونيوزيلندا وفيجي، وبروناي.

  • يمثل اتفاق “الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ” توجهاً من بايدن صوب آسيا بغرض احتواء التجارة الصينية في البحر
  • تأتي المبادرة بعد خمس سنوات من تخلي ترامب عن اتفاقية “الشراكة العابرة للمحيط الهادئ” التي وقعها أوباما
  • تختلف مبادرة “الإطار الاقتصادي” عن سابقاتها في أنها لا تضمن التجارة الحرة بين الدول الأعضاء بل هي أشبه بتفاهم لتعميق التعاون بين الولايات المتحدة ودول منطقة آسيا والمحيط الهادئ
  • لا يزال التفاوض على التفاصيل جارياً الآن وقد يستمر حتى عام 2023
  • مبادرة “الإطار الاقتصادي” بدولها تشمل نحو 60% من سكان العالم ونحو 40% من إجمالي الناتج المحلي العالمي 

أهداف مبادرة “الإطار الاقتصادي”

ستركز مبادرة “الإطار الاقتصادي” على أربعة أعمدة:

  1. سلاسل التوريد
  2. الطاقة المتجددة
  3. مكافحة الفساد
  4. التجارة البحرية 

سيحظى أعضاء هذا التكتل الاقتصادي بمزايا معينة لدى الشركات الأمريكية الراغبة في الانتقال خارج الصين، ومع خروج الشركات الغربية من الصين خلال العقد المقبل يمكن لمبادرة “الإطار الاقتصادي” أن تملأ هذا الفراغ. حيث تتمتع الهند، وفيتنام، وتايلاند، وماليزيا وإندونيسيا، والفلبين بقوى عاملة ضخمة يمكنها النهوض وسد الفجوة.

لكن وجه القصور سيظهر حال غياب الوصول الكبير إلى الأسواق الأمريكية مما سيُفقد المبادرة الحوافز اللازمة لتغيير قواعد اللعبة وقلب الموازين، إلا أن السؤال الأهم هو هل ستخفض واشنطن تعريفاتها أو تسهل الوصول لأسواقها؟

إن صعوبة إتمام الاتفاقات التجارية في الولايات المتحدة ستزيد صعوبة تحديد التأثير الكامل لمبادرة “الإطار الاقتصادي” اليوم، ويُدرك بايدن مع نظرائه هذا الأمر جيداً ويرون في “الإطار الاقتصادي” سياسةً لسد الفجوة على أمل أن تعود السياسة المحلية الأمريكية لصوابها وتتجه نحو آسيا.

وما يجري الآن هو تقديم “شراكة البنية التحتية” و”الإطار الاقتصادي” باعتبارهما خطوة النصر المضادة من الولايات المتحدة لكن التنفيذ هو ما سيحسم الأمور في النهاية.