الإمارات تتمسك باتفاقية أمنية ملزمة مع أمريكا لإعادة توكيد الشراكة
سياقات - نوفمبر 2022
تحميل الإصدار

الحدث

صرح المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، ” أنور قرقاش”، يوم الإثنين الموافق 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أن الإمارات ترغب في علاقات أمنية رسمية مع الولايات المتحدة، وأكد “قرقاش” في كلمة ألقاها في “مناظرة أبوظبي الاستراتيجية“، أن العلاقات الأمنية الاستراتيجية مع واشنطن ثابتة، ولكن من الضروري إيجاد طريقة لضمان الاعتماد على هذه العلاقات لعقود قادمة، من خلال “التزامات واضحة ومقننة”.

التحليل

  • رجحنا في عدد سابق من سياقات أن الإمارات ليست بصدد التخلي عن تحالفها مع واشنطن لمصلحة أي قوة دولية أخرى، لكنّ هذه التقلبات في محددات العلاقة تنتج عن تخلي واشنطن نسبيا عن التزاماتها التقليدية تجاه المنطقة، وهو ما يربك حسابات حلفائها ويدفعهم لاختبار بدائل أخرى أو الضغط على واشنطن لانتزاع التزامات واضحة تجاه أمنهم، لذا؛ تأتي تصريحات “قرقاش” في إطار المساعي الإماراتية لحث واشنطن على الانخراط في مناقشات أوسع حول قيمة الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، وضرورة تأطير شراكة أمنية بشكل رسمي وملزم، قد يكون اتفاقية أمنية ثنائية على غرار الموقعة بين الولايات المتحدة و”إسرائيل”، أو ضم الإمـارات لتصنيف “دولة حليفة من خارج الناتو” الذي يرتب التزامات ومزايا واضحة ومحددة، كي تتجنب الإمارات التقلبات الحادة في السياسة الأمريكية بين الجمهوريين والديمقراطيين، ولا يتأثر الالتزام الأمريكي تجاه أبو ظبي عندما تتغير الإدارات في البيت الأبيض.
  • بالإضافة إلي ذلك؛ تقدر الإمارات بصورة راسخة أن تعزيز شراكتها الثنائية مع الولايات المتحدة هو أكثر فاعلية من الانخراط في أي مظلة إقليمية مقترحة، إذ تدرك أبو ظبي أن الاشتراك في تحالف إقليمي متعدد سيبدو بوضوح أنه ضد إيران، وهو ما يخالف سياسة التوازن التي تحرص عليها الإمارات، والتي تتطلب عدم تصعيد العداء مع طهران، وتعزيز الروابط التجارية معها، الأمر الذي بدا بوضوح من خلال تكرار تأكيد أبو ظبي في أعقاب قمة “النقب” في مارس/آذار الماضي، والتي جمعت أمريكا ومصر والإمارات والمغرب والبحرين وإسرائيل، أنها لن تكون جزء من تحالفات إقليمية عسكرية تستهدف أي دولة بعينها.
  • كذلك؛ فإن الترتيبات الثنائية الملزمة مع الولايات المتحدة، وأيضا مع “إسرائيل”، تجنب أبوظبي التناقضات التي من المتوقع أن يشهدها أي تحالف إقليمي واسع؛ في ظل التباينات في السياسات الإقليمية، على سبيل المثال تجاه التعامل مع إيران، وفي ظل التنافس بين دول المنطقة كما في حالة التنافس الاقتصادي المتزايد مع السعودية، وحتى فقدان الثقة بين بعض دول الإقليم كما في حالة الإمارات وقطر على سبيل المثال.
  • في ضوء ذلك؛ تسعى الإمارات إلى الاستقلال الأمني والدفاعي عن دول الجوار، دون أن يعني هذا رفض الانخراط في ترتيبات أخرى معهم، لكنّها تسعى كي تكون في وضع لا يتطلب الاعتماد عليهم لتحقيق أمنها، الأمر الذي تؤكده شواهد منها الحرص الإماراتي على تطوير قدراتها الجوية الهجومية لتصبح الأولى في الخليج، متفوقة بذلك على السعودية التي احتلت هذا المركز منذ عقود، وذلك من خلال الصفقة المحتملة مع واشنطن للحصول على طائرات F35، وطائرات بدون طيار مسلحة من طراز MQ-9B، وطائرة EA-18G Growler، فضلا عن الأنظمة الدفاعية التي تعاقدت عليها مع “إسرائيل”.
  • ثمة بعد آخر يتعلق بالتنافس التقليدي بين الإمـارات وقطر؛ فبينما تبدي إدارة “بايدن” تقديرا للشراكة مع قطر على خلفية التعاون في عدة ملفات مثل أفغانستان وتأمين إمدادات الغاز إلى أوروبا، مما انعكس على تصنيف الإدارة الأمريكية لقطر “كحليف رئيسي من خارج الناتو”، فإن الإمارات لا ترى أنها تحظى بنفس التقدير، وهو ما يدفع أبوظبي لحث واشنطن على إظهار التزام مماثل.
تقدر الإمارات بصورة راسخة أن تعزيز شراكتها الثنائية مع الولايات المتحدة هو أكثر فاعلية من الانخراط في أي مظلة إقليمية مقترحة

الخلاصة

  • من المرجح أن إدارة “بايدن” ستحرص على احتواء المخاوف الإمـاراتية، وستتعامل بصورة إيجابية مع مطالب أبوظبي وستواصل التأكيد على التزاماتها الأمنية، كما ستواصل بجدية حث دول المنطقة للتوصل لترتيبات أمنية إقليمية ترعاها واشنطن تقوم فيها هذه الدول بتحمل الأعباء الأمنية الإقليمية، وفي الوقت عينه؛ ضمان اعتبارات المصالح الأمريكية طويلة الأجل في الشرق الأوسط، والتي تقتضي عدم تمدد النفوذ الصيني والروسي كنتيجة لأي تراجع للأدوار الأمريكية في المنطقة.
  • لكن؛ ليس من المتوقع أن ترفع واشنطن مستوى شراكتها الأمنية مع الإمـارات في الوقت الراهن؛ حيث يتطلب ذلك موافقة مجلس الشيوخ، وهو أمر سيواجه بمعوقات، أولها قضايا حقوق الإنسان خاصة المرتبطة بملف حرب اليمن؛ وثانيها وهو الأهم، يتمثل في الاستياء الأمريكي من موقف أبو ظبي من الحرب في أوكرانيا وعدم انخراطها في العقوبات المفروضة ضد روسيا، والجدل المثار مؤخرا حول تدخل الإمارات في السياسة الحزبية الأمريكية، والذي وصفته وثيقة استخبارية أمريكية بأنه تم من خلال ممارسات قانونية وغير قانونية.