القمة الخليجية الـ 42 بين المصالح السعودية والتحديات الإقليمية
سياقات - ديسمبر 2021
تحميل الإصدار

الحدث

عُقدت القمة الخليجية الـ 42 لدول مجلس التعاون الخليجي بالرياض في الرابع عشر من ديسمبر/ كانون الأول 2021، وتبرز أهمية القمة الحالية كأول قمة خليجية تنعقد بعد إتمام المصالحة الخليجية ورفع الحصار عن قطر الذي أقرته اتفاقية “العلا” الموقعة في مطلع العام الجاري، حيث مثلت “العلا” مرحلة جديدة للعلاقات بين دول الخليج العربية، أبرز ملامحها سياسة خارجية أكثر مرونة تسعى إلى تجنب الصراعات الصفرية والتخفيف من حدة النزاعات الإقليمية في الشرق الأوسط وتدفع في اتجاه تقوية وتماسك العلاقات بين دول الخليج العربية. فيما كانت الدوافع الرئيسية وراء التهدئة واستعادة العلاقات بين دول الخليج العربية متمثلة في التحديات الإقليمية الجديدة التي فرضها تغير الإدارة الأمريكية وتزايد التهديدات الإيرانية، بالإضافة إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية في ظل الآثار السلبية لجائحة كورونا.

التحليل

  • تسعى السعودية إلى تحقيق عدة أهداف من إعادة تفعيل دور مجلس التعاون الخليجي وتقوية علاقاتها مع أعضائه، يأتي في مقدمة تلك الأهداف قيادتها لتحالف خليجي متماسك ومتوافق على سياسة خارجية موحدة لمواجهة إيران، بالإضافة إلى تطوير العلاقات والروابط الاقتصادية للسعودية مع باقي دول الخليج العربية. في نفس الوقت، يُقدم مجلس التعاون الخليجي في هيئته الجديدة كتحالف إقليمي يستعيد نفوذه صورة مغايرة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حيث يُبرِز دوره في إعادة الفاعلية للمجلس وقدرته على إبقاء السعودية كقوة إقليمية فاعلة ومؤثرة في محيطها، مما يعزز موقعه كقائد سياسي ويساهم في قطع العزلة الدبلوماسية المفروضة عليه من الإدارة الأمريكية.
  • بالرغم من وجود فرص لتعزيز العلاقات ومزيد من التعاون والتنسيق بين دول الخليج العربية، ولكن يقابلها في الوقت نفسه مجموعة من التحديات تعيق استعادة مجلس التعاون الخليجي لدوره وتأثيره على المدى المنظور، حيث لم تطوَ صفحة الأزمة الخليجية تماما خاصة فيما يتعلق بالعلاقات بين قطر والبحرين، وبدرجة أقل بين قطر والإمارات. والأهم من ذلك، أن العلاقات بين دول الخليج مازالت تستند بصورة أكبر على أسس من التفاهمات الثنائية وليست الاتفاقات على مستوى منظمة مجلس التعاون. كما لا زال هناك اختلافات أيدولوجية وتنافس جيوسياسي بشأن قضايا إقليمية بين قطر من جهة وبين السعودية والإمارات من جهة أخرى. بالإضافة إلى وجود منافسة اقتصادية متنامية بين السعودية والإمارات، كما بين الإمارات وقطر، مما يجعل احتمالات التوتر قائمة وغير مستبعدة. في ظل تلك المعطيات سيكون من المرجح في أحسن الأحوال التوصل إلى تفاهمات تعيد تماسك كتلة مجلس التعاون الخليجي إلي ما قبل حقبة الربيع العربي، وليس تعزيزه كمحور عمل إقليمي متجانس.