كيف تؤثر إعادة هيكلة فاغنر على عملياتها ونفوذ روسيا في أفريقيا؟
سياقات - فبراير 2024
تحميل الإصدار

الخبر

يواصل الرئيس الروسي “بوتين”، مع قادة عسكريين، العمل على إجراء تغيرات هيكلية وشكلية لمجموعة “فاغنر” العسكرية والشركات التابعة لها. حيث استبدل اسم شركة فاغنر بـ”فيلق أفريقيا Africa Corps وهو اسم قد يكون مستوحى من الكتائب الألمانية التي قاتلت في شمال أفريقيا خلال الحرب العالمية الثانية. وقد استخدم اسم “فيلق أفريقيا” للمرة الأولى في أكتوبر/تشرين الأول 2023 على منصة تلغرام من قبل المدون العسكري المقرب من وزارة الدفاع الروسية Two Majors، حيث أشار إلى توصل مجلس قادة الشركات العسكرية الخاصة في أفريقيا إلى اتفاق من حيث المبدأ مع قيادة الحرس الروسي، وأن تلك الاتفاقية سيجري توسيعها لتشمل جميع الجنود العاملين بالشركة، من أجل “ضمان أن الشركات العسكرية الخاصة لن تتمزق أو تتمرد، وذلك من خلال تعزيز الإشراف المركزي” عليها.

كيف تؤثر إعادة هيكلة فاغنر على عملياتها ونفوذ روسيا في أفريقيا؟

التحليل: كيف تؤثر إعادة هيكلة فاغنر على عملياتها ونفوذ روسيا في أفريقيا؟

تستهدف إعادة هيكلة فاغنر بصورة رئيسية ضبط علاقة تبعية المجموعة مع وزارة الدفاع الروسية، لضمان عدم تكرار تمرد جديد في المستقبل. قد ينتج عن عملية إعادة الهيكلة التي تتعهدها وزارة الدفاع والمخابرات الروسية تباطؤا في أنشطة فاغنر في أفريقيا في الأجل القريب، لكن من المتوقع أن تواصل المجموعة تحت مسمى (فيلق أفريقيا – Africa Corps) عملياتها في أفريقيا، بما يخدم مصالح روسيا الجيوسياسية، خاصة وأن تنامي الاحتياجات الأمنية والعسكرية لدول الساحل الأفريقي يمثل فرصة ذهبية لروسيا، وقد يعزز من توسع نفوذ الشركة وانتشارها تحت اسمها الجديد.

  • من المرجح أن يكون تمرد فاغنر قد هز ثقة الأنظمة الأفريقية فيها كشريك أمني موثوق به، لكن يبدو أن ذلك لن يؤثر على حاجة تلك الأنظمة للتعاون معها، خاصة وأنها أظهرت قدرات عالية في شن تمرد عسكري أمام الجيش الروسي. كما أن إعادة الهيكلة تستهدف توسيع نطاق عملياتها في أفريقيا وإعادة تقديمها بشكل جذاب للقادة والشعوب الأفريقية تحت الاسم الجديد. وقد تشمل إعادة الهيكلة أيضا جذب مجندين جدد من روسيا وأفريقيا، خاصة وأن إعادة الهيكلة قد ينتج عنها تحديات في دمج عناصر فاغنر الحاليين.
  • وتعطي التسمية الجديدة دلالة هيكلية مهمة، وهي أن وزارة الدفاع الروسية ستعمل على تجزئة الإدارات المركزية للشركات العسكرية وفق نطاقات جغرافية، تراعي خصوصية كل إقليم جغرافي وتَحُد من وجود قادة عسكريين وأمنيين لهم نفوذ واسع موازي للمؤسسات العسكرية الروسية الرسمية. ومن المرجح أن يقود الفيلق الأفريقي عسكريون روس، بما يضمن تبعية المجموعة بشكل مباشر لوزارة الدفاع الروسية.
  • ولا تزال فاغنر نشطة في سوريا وأوكرانيا وليبيا ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى والسودان وموزنبيق، وتسعى روسيا إلى توسيع نفوذها في منطقة الساحل الأفريقي من خلال التعاون مع المجالس العسكرية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر. حيث توفر المجموعة خدمات أمنية، وتشارك الشركات التابعة لفاغنر في التعدين والتجارة وفي عمليات الدعاية والتأثير، وتستخدم تلك الأنشطة والسيطرة على الموارد الطبيعية، مثل الذهب، لتمويل عملياتها العسكرية. وتدعم موسكو تلك الشركات كأحد الأدوات الرئيسة التي تعتمد عليها في أفريقيا لتحدي النفوذ الغربي بتكلفة منخفضة.
  • وتستغل فاغنر نقاط الضعف وطموحات القادة الأفارقة، كما تلعب دورا كبيرا في تأجيج وإثارة المظالم المحلية داخل الدول الأفريقية المدفوعة بالاستياء من نفوذ وسطوة القوى الاستعمارية السابقة، خاصة فرنسا. كما تواجه أنظمة أفريقيا العسكرية تحديات أمنية وعسكرية تجعلها في حاجة دائمة للعمل مع مجموعات مثل فاغنر لحمايتها من التهديدات الداخلية والانقلابات المحتملة المدعومة من الدول الغربية، وكذلك في اخماد التمردات العسكرية التي قد تقودها مجموعات عرقية أو تنظيمات أيديولوجية أخرى.
  • وليس من المتوقع أن ينتج عن تغيير اسم فاغنر أو إعادة هيكلتها تغيرا في الموقف الغربي من أنشطتها. وستواجه روسيا المزيد من مقاومة الدول الغربية لتوسع نفوذ موسكو في منطقة الساحل الأفريقي وغرب أفريقيا. وقد صنفت إدارة بايدن في أوائل عام 2023 شركة فاغنر كمنظمة إجرامية عابرة للحدود. وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على المجموعة لدورها في استهداف المدنيين، واستغلال الموارد الطبيعية في دول مثل جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي. وقد اتُهمت المجموعة بالمشاركة في مخطط لشراء أسلحة لعملياتها في أوكرانيا باستخدام شهادات استخدام نهائي مزورة في مالي. وبالرغم من العقوبات الغربية إلا أنها مازالت غير مؤثرة على توسع نشاط المجموعة في أفريقيا.