صواريخ إيران فرط الصوتية تفتح لها عصرا جديدا
سياقات - يونيو 2023
تحميل الإصدار

الحدث

دشنت القوة الجو-فضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني بحضور الرئيس “إبراهيم رئيسي” وقائد الحرس الثوري “حسين سلامي”، في يونيو/حزيران الجاري، حفلا لإطلاق أول صاروخ فرط صوتي من صواريخ إيران محلية الصنع باسم “فتاح” يبلغ مداه 1400 كيلومتر، وتتراوح سرعته قبل إصابة الهدف من 13 إلى 15 ماخ.

صواريخ إيران فرط الصوتية صاروخ فتاح

التحليل: صواريخ إيران فرط الصوتية، هل هي رسالة دعائية؟

تنطلق الصواريخ البالستية التقليدية بسرعة أقل من سرعة الصوت التي تعادل 1 ماخ، أي 1000 كم/الساعة، بينما تُصنف الصواريخ كفرط صوتية إذا تجاوزت 5 ماخ، أي ما يزيد عن 5000 كم/الساعة. وتكمن خطورتها في قدرتها على الوصول للهدف بسرعة كبيرة والمناورة وتغيير مساراتها بعد إطلاقها مما يحد من القدرة على التنبؤ بأهدافها، ويقوّض قدرة أنظمة الدفاع الجوي على إسقاطها، وتترك أمام الخصم وقتا محدودا لإدراك أنه يتعرض للهجوم. ونظرا لسرعتها الهائلة، تتمتع بقوة تدميرية هائلة بالاعتماد على طاقتها الحركية دون تحميلها بحشوة متفجرة ضخمة؛ فقوة ارتطام صاروخ فرط صوتي خالٍ من الرأس المتفجر بسرعة 9 ماخ تولد طاقة تدميرية تعادل 3 طن من متفجرات TNT.

  • تمتلك دول محدودة جدا مثل روسيا والصين والولايات المتحدة، وكوريا الشمالية على الأرجح، صواريخ فرط صوتية، بينما تسعى دول مثل فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا وأستراليا والهند للحاق بالركب. من جانبها؛ سعت طهران لدخول عالم الصواريخ الفرط صوتية منذ عقد على الأقل، حيث بدأت بتدشين أنفاق رياح بسرعة أقل من 3 ماخ، ثم دشنت أول نفق للرياح فائقة السرعة عام 2014 بجامعة الإمام الحسين بطهران للمساعدة في تطوير عمليات المحاكاة لصواريخ بسرعات 8 ماخ، وبدأت تتحدث عن تصنيعها أول صاروخ فرط صوتي في نوفمبر/تشرين ثاني 2022 قبل أن تعلن عنه رسميا الشهر الجاري، وهو تطور مهم للصناعات العسكرية الإيرانية، يضع طهران بين أعضاء نادي الصواريخ الفرط صوتية محدود العضوية.
  • وتتيح قدرات صاروخ “فتاح” التي أعلنتها طهران الوصول لأهداف داخل “إسرائيل” خلال 6 دقائق، واستهداف القواعد العسكرية والسفن الأمريكية في منطقة الخليج بما فيها حاملات الطائرات، وهو ما يضيف لطهران دون شك قوة ردع كبيرة. لكنّ ثمة شكوك حول قدرات صاروخ “فتاح” التي أعلنتها طهران، وأنهاربما تبالغ في إبراز قدراتها العسكرية لردع تل أبيب، وتأكيد قدرتها على الرد بشكل مؤلم على أي هجوم إسرائيلي محتمل؛ إذ لها سوابق في المبالغة حول قدرات بعض أسلحتها لأسباب دعائية محلية أو خارجية، مثلما فعلت مع منظومة “باور 373” للدفاع الجوي، والتي يزعم قادة عسكريون إيرانيون تفوقها من بعض النواحي على منظومة S-400 الروسية، وهو ما لا توجد دلائل عملية عليه.
  • أظهر استخدام صواريخ روسيا الفرط صوتية في أوكرانيا عدم قدرتها على إحداث تغيير استراتيجي في المعركة، مع اعتراضات ناجحة من قبل أنظمة باتريوت الأمريكية، أعلنت عنها أوكرانيا مرتين في مايو/أيار 2023، وأكدها البنتاغون. وهو أمر يشير للفجوة بين القدرات المعلنة وبين الاختبار الفعلي في المعارك. من جهة أخرى، تعمل تل أبيب على تسريع إدخال نظام الدفاع الصاروخي بالليزر “الدرع الضوئي Magan-Or” إلى الخدمة خلال سنتين، لتطوير قدرات مواجهة لصواريخ إيران.
  • ورغم كل هذه القيود، يعطي صاروخ “فتاح” لإيران حصة جديدة محتملة في فرص تصدير الأسلحة ونسج علاقات عسكرية مهمة، كما حدث من خلال بيع الطائرات بدون طيار لروسيا. وتشير تقديرات استخبارية إلى احتمالية استفادة إيران من خبرات أو مكونات روسية في تطوير صناعاتها الفرط صوتية. وإذا تم إثبات قدرة صواريخ إيران الفرط صوتية المعلنة، فإنها ستشكل تحديات أمنية خطيرة لإسرائيل.
  • وبالإضافة لذلك؛ فإن رسائل الردع الإيرانية ستثير أيضا المزيد من مخاوف جيرانها في منطقة الخليج وهو ما يتسبب في رياح معاكسة لمساعي تطبيع العلاقات وتطويرها، وليس من المرجح أن تؤدي برامج التسلح الإيراني إلى انتكاسة قريبة في خطط التطبيع مع دول الخليج، لكنّها ستُبقى على “التهديد الإيراني” كهاجس جيوسياسي قد يدفع قادة الخليج للتمسك بالمحافظة على توازن مضاد من خلال التحالف الأمني مع الولايات المتحدة، وتعميق التعاون مع الأطراف الإقليمية الأخرى مثل تركيا و”إسرائيل”.
  • لذلك؛ من المرجح أن يطلق الإعلان الإيراني سباق تسلح “فرط صوتي” في المنطقة، ويزيد من مساعي الشراء الموجهة إلى الولايات المتحدة وروسيا والصين على وجه الخصوص. كما أنه يضع المزيد من القيود أمام احتمالية شن حملة عسكرية إسرائيلية/أمريكية ضد إيران ومنشآتها النووية، بالنظر إلى حالة الردع الإيرانية المتزايدة.

إقرأ أيضاً:

تعاون روسيا وإيران مع الهند لمواجهة عقوبات الغرب – ممر النقل الشمالي الجنوبي

شمخاني يلتقي طحنون والبحرين تفاوض إيران: الخليج نحو تفاهمات أمنية أوسع

“بايدن” يعود للشرق الأوسط بمشروع دفاعي يوحد حلفاءه مع إسرائيل ضد إيران

أكثر اندماجا لكن أقل أمنا … أين باتت تقف “إسرائيل” في الشرق الأوسط؟