هجوم عسكري مرتقب على رفح بينما المفاوضات متعثرة
سياقات - فبراير 2024
تحميل الإصدار

الحدث

تتواصل الجهود الإقليمية والدولية، عبر المحادثات الرباعية بين الولايات المتحدة ومصر وقطر و”إسرائيل”، لمحاولة التوصل لوقف إطلاق نار في قطاع غزة، حيث تبادل طرفي الحرب، حماس و”إسرائيل” الرد على مسودة اتفاق باريس لوقف إطلاق النار في غزة. بينما تلوح حكومة الحرب الإسرائيلية بتنفيذ عملية عسكرية، قال رئيس وزراء الاحتلال إنها ستكون “عملية قوية”، في مدينة رفح التي وصفها وزير دفاع الاحتلال بـ”معقل مهم لحماس”.

تحليل: هجوم عسكري مرتقب على رفح بينما المفاوضات متعثرة

تحليل: هجوم عسكري مرتقب على رفح بينما المفاوضات متعثرة

  • مازالت المفاوضات لم تراوح مكانها، ورغم أن “مسودة باريس” باتت تمثل إطارا لإدارة عملية التفاوض بين المقاومة الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن مسار التفاوض مازال متعثرا في ظل الفجوة بين شروط الجانبين، في ضوء التشدد الإسرائيلي إزاء التجاوب مع التعديلات التي أدخلتها حركة حماس على الاتفاق الإطاري، خاصة مسألة انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة والتي مازالت محل رفض إسرائيلي حيث أبدت حكومة الاحتلال الاستعداد لسحب القوات من “المناطق المكتظة بالسكان” فقط، بالإضافة للخلاف حول عدد ونوعية الأسرى. وبينما تشترط حماس وجود أطراف ضامنة للاتفاق تضمن تنفيذ الاحـتلال التزاماته، هي الأمم المتحدة ومصر وقطر وتركيا روسيا، تكتفي تل أبيب بالولايات المتحدة إلى جانب مصر وقطر، وتستبعد أي دور ضامن للأمم المتحدة وتركيا وروسيا.
  • يعمل نتنياهو على استثمار كافة أوراق الضغط لتحسين شروط التفاوض لصالحه ولدفع المقاومة الفلسطينية للتراجع عن مواقفها، حيث اتبع استراتيجية تقوم على زيادة الضغط العسكري على المقاومة، من خلال التلويح بالعملية العسكرية تجاه مدينة رفـح. وبينما كان يُفترض انتقال الاحتلال للمرحلة الثالثة في حربه على قطاع غزة، المُتمثلة بخفض كثافة النيران والانتقال لعمليات المباغتة والاغتيال، تعمد الإبقاء على قطاعات من قواته النظامية في مناطق غرب خانيونس ووسع العمليات تجاه مناطق حدودية مثل عبسان الكبيرة، في محاولة لتعزيز الضغط على المقاومة، بهدف أن يجد لذلك انعكاس على مواقف المفاوض الفلسطيني. 
  • وبالإضافة للضغط العسكري على المفاوض الفلسطيني، يعمل الاحتلال على الضغط على الوسيطين المصري والقطري لحثهما على توجيه ضغوطهما باتجاه حماس. تجلى ذلك من خلال تحميل وزير المالية الإسرائيلي المتطرف “بتسلئيل سموتريتش” القاهرة المسؤولية “إلى حد كبير” على تهريب الأسلحة إلى غزة عبر محور فيلادلفيا ووضع مصر تحت تهديد تهجير النازحين في رفـح إلى سيناء، بالإضافة إلى توجيه انتقادات لاذعة ضد دولة قطر والتحريض ضدها بزعم علاقتها الإيجابية بالمقاومة الفلسطينية. 
  • ستظل التهديد الأكثر حساسية هو التلويح بتنفيذ عملية عسكرية واسعة في مدينة رفـح، والتي باتت مدينة نزوح يقطنها نحو مليون ونصف المليون من سكان قطاع غـزة، ويريد الاحتلال بذلك أن يُخير الأطراف جميعها بين استعادة الأسرى الإسرائيليين وفق شروط الاحتلال أو اقتحام مدينة رفح. غير أن هذه التهديدات لا تزال تصطدم بالكارثة الإنسانية الناتجة عن هذه العملية ما لم يجر إخلاء النازحين إلى مناطق أخرى في القطاع، وهو شرط تطالب به الولايات المتحدة ومصر قبل البدء في العملية التي لا تعارضاها من حيث المبدأ. بالإضافة إلى ذلك، فإن العملية العسكرية في مدينة رفح قد تستلزم إعادة الزج بقوات داخل القطاع، وهو أمر تزداد صعوبته بالنظر للمخاوف إزاء احتمالات تصاعد وتيرة الاشتباكات مع “حزب الله” في الجبهة الشمالية، والتهديدات الأمنية في الضفة الغربية خاصة خلال شهر رمضان. 
  • هذه المحددات لن تمنع على الأرجح تنفيذ العملية العسكرية في رفـح، لكنها قد تؤثر على توقيتها وعلى طبيعتها إن كانت واسعة أو موضعية. وحتى في حال استجاب الاحـتلال للمطالب المصرية والأمريكية بالسماح بعودة أعداد من النازحين إلى مناطق محددة خارج رفـح، فإن المدينة الصغيرة ستظل مكتظة بالمدنيين، ومن ثم فإن العملية العسكرية ستكون تكلفتها الإنسانية باهظة، كما ستؤدي إلى عبور نازحين للشريط الحدودي باتجاه رفـح المصرية، وهو الأمر الذي يبدو أن مصر تتجهز له في ظل الاستعدادات الجارية لإقامة منطقة عازلة في الجانب المصري من الحدود قد تستوعب 100 ألف نازح فلسطيني.
  • وسط هذه العوامل والمعطيات، تتجه الأنظار نحو الدور الأمريكي الذي يدفع نحو إعادة صياغة شكل الحرب في قطاع غـزة، وينظر بحساسية لعدم تعاطي نتنياهو بإيجابية مع رغبة إدارة بايدن في التوصل لاتفاق وفق مسودة باريس وتأجيل الهجوم على رفـح، باعتبار ذلك “ممراً ضرورياً” لاحتواء التصعيد على الجبهة الشمالية وفي عموم الإقليم، بالإضافة لحاجة الولايات المتحدة لإنضاج رؤية سياسية بشأن “اليوم التالي” للحرب، وهو الأمر الذي تعمل عليه مع أطراف إقليمية تشمل السعودية ومصر والأردن والإمارات والسلطة الفلسطينية، فضلا عن ربط هذه الرؤية بمحاولة استئناف مسار التطبيع السعودي الإسرائيلي.

في حال قرر نتنياهو الذهاب مباشرة للهجوم على رفح، فإن ذلك لا شك سيجمّد أي مفاوضات جارية حول اتفاق هدنة طويلة وتبادل الأسرى، وسيبقي المنطقة بصورة عامة على حافة تصعيد متعدد الجبهات. وعلى الرغم من تبني “بايدن” لنفس أجندة الأهداف الإسرائيلية، إلا أن التوتر المتصاعد بينه وبين نتنياهو ورفض الأخير لنصائح الإدارة الأمريكية، قد يؤدي لتعامل واشنطن بصورة مغايرة مع حكومة نتنياهو.

إقرأ أيضاً:

سيناريوهات طوفان الأقصى والحرب على غـزة

المرحلة الثالثة من حرب غـزة ستُحدد مصير التصعيد الإقليمي

جسر بري يربط دبي والرياض بإسرائيل.. حرب غـزة لن تعطل الشراكة المتنامية

استئناف حرب غـزة: أهداف الاحتلال واضحة لكنّها مازالت بعيدة