أنشطة فاغنر في بيلاروسيا تنذر بتفاقم التوتر مع بولندا ودول البلطيق
سياقات - أغسطس 2023
تحميل الإصدار

الحدث

أعلنت بولندا في 10 أغسطس/آب الجاري أنها ستنشر 10 آلاف جندي على حدودها مع بيلاروسيا، وذلك ردا على استضافة الأخيرة لقوات فاغنر الروسية وتمركزها بالقرب من الحدود البولندية. كما أغلقت ليتوانيا في منتصف الشهر الجاري اثنين من معابرها الحدودية الستة مع بيلاروسيا كإجراء وقائي. وأعلنت بولندا ودول البلطيق الثلاث، ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا، أنها ستناقش في 28 أغسطس/آب احتمالات إغلاق حدودهم بالكامل مع بيلاروسيا رداً على استفزازاتها.

التحليل: أنشطة فاغنر في بيلاروسيا تفتح مواجهة غير مباشرة بين روسيا والناتو

  • تمارس قوات فاغنر (بعض المصادر تقدر أعدادها بحوالي 10 آلاف مقاتل) أنشطة استفزازية لدول البلطيق وبولندا منذ وصولها إلى بيلاروسيا في منتصف يوليو/تموز الماضي؛ حيث قامت بتدريب القوات الخاصة البيلاروسية على بعد ثلاثة أميال فقط من الحدود البولندية. وتسعى فاغنر، ومن خلفها روسيا وبيلاروسيا، إلى خلق تهديدات للدول الأربع؛ من أجل تشتيت جهود الدعم العسكري المقدم من تلك الدول لأوكرانيا، وتوجيه هذه الجهود نحو تحسين الأمن الداخلي ومواجهة التهديدات الأمنية المتزايدة على الحدود المشتركة مع بيلاروسيا.
  • من المرجح أن تدعم فاغنر الهجرة غير الشرعية إلى بولندا وليتوانيا، أو حتى التنكر كمهاجرين كعمل استفزازي، خاصة مع تشجيع بيلاروسيا المهاجرين من دول الشرق الأوسط ومساعدتهم على دخول بولندا ودول البلطيق، الأمر الذي تسبب في ارتفاع عدد المهاجرين الذين يعبرون الحدود البولندية البيلاروسية بشكل غير قانوني خلال العام الجاري مقارنة بعام 2022 بأكمله.
  • إن تواجد قوات فاغنر بالقرب من الحدود البولندية يمنح موسكو القدرة على إثارة التوترات مع مجموعة من أعضاء الناتو بشكل غير مباشر دون التسبب في اندلاع حرب أو مواجهة عسكرية مع الحلف، إذ يمكن لروسيا وبيلاروسيا التنصل من أنشطة فاغنر الاستفزازية بادعاء أن تصرفاتها تمت دون موافقتهم.
  • على الجانب الآخر؛ تشير الخطوات التي اتخذتها بولندا وليتوانيا إلى استعدادات جادة واستباقية لمواجهة التهديدات المحتملة من مقاتلي فاغنر، والعمل على تقويض الجهود الروسية لإثارة الأزمات على حدود بولندا ودول البلطيق في المدى القريب.
  • وتعد الخطوة الليتوانية بإغلاق اثنين من معابرها الحدودية الستة مع بيلاروسيا بمثابة رسالة إلى مينسك بإمكانية غلق حدود الاتحاد الأوروبي مع بيلاروسيا، مما سيؤدي إعاقة الواردات والصادرات عبر الحدود التي لا يزال الاقتصاد البيلاروسي يعتمد عليها إلى حد كبير. وكذلك يمكن أن يتسبب غلق الاتحاد الأوروبي لحدوده مع بيلاروسيا في خسائر اقتصادية لكل من روسيا والصين؛ حيث إن العديد من السلع الصينية المتجه إلى الاتحاد الأوروبي تمر عبر الأراضي الروسية والبيلاروسية.
  • توترات دول الناتو وبيلاروسيا تثير مخاوف الحلف حول ممر سوالكي الاستراتيجي (Suwalki Gap)، لاسيما بعد قيام مينسك بتدريبات عسكرية في منطقة غرودنو المتاخمة للممر، وكذلك اختراق طائرتان هليكوبتر تابعتان لبلاروسيا المجال الجوي البولندي بالقرب من ممر سوالكي. وترتبط دول البلطيق ببقية دول حلف الناتو من خلال ممر بري ضيق يربط بولندا وليتوانيا ويطلق عليه ممر سوالكي الذي يبلغ طوله حوالي 100 كم، ويحتوي الممر على طريقين سريعين وخط سكة حديد واحد فقط.
أنشطة فاغنر في بيلاروسيا تنذر بتفاقم التوتر مع بولندا ودول البلطيق
ممر سوالكي (Suwalki Gap) الاستراتيجي
  • يمثل ممر سوالكي أضعف نقطة لحلف الناتو على طول جانبه الشرقي المواجه لروسيا؛ حيث يقع على الغرب من الممر جيب كالينينغراد الروسي المطل على بحر البلطيق ومن الشرق بيلاروسيا الموالية لموسكو، الأمر الذي يعني أن استيلاء روسيا على ممر سوالكي يفصل دول البلطيق بريا عن بقية أعضاء الناتو، ويقطع الطريق على إرسال تعزيزات الحلف العسكرية إلى دول البلطيق بريا، حيث إن باقي حدود دول البلطيق البرية، 1400 كم، هي حدود مشتركة مع روسيا وبيلاروسيا.
  • إجمالاً؛ قد تؤدي أنشطة مقاتلي فاغنر، وأنشطة بلاروسيا العسكرية قرب الحدود البولندية إلى خطر تفاقم التوترات بين وارسو ومينسك، وتطورها لأزمة بين الناتو وبيلاروسيـا. ومع ذلك؛ فإن الاستعدادات التي تتخذها بولندا ودول البلطيق، والتهديد بإغلاق كامل الحدود مع بيلاروسيـا؛ من الممكن أن تقلل من احتمالات التصعيد بين الجانبين في المستقبل القريب.

إقرأ أيضاً:

كيف تخوض روسيا حرباً سرية في إفريقيا عبر فاغنر؟

مستقبل مجموعة فاغنر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

قطع الغاز الروسي عن بولندا وبلغاريا: أوراق “بوتين” المحدودة لن تحبط إجراءات عزل روسيا

كيف سيؤثر انضمام السويد للناتو على روسيا وموقعها جيوسياسيا بالمنطقة؟