صواريخ الصين الباليستية..خيارات السعودية الصعبة بين واشنطن وبكين
سياقات - يناير 2022
تحميل الإصدار

الحدث

• نشرت شبكة “CNN” الأمريكية في الثالث والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول 2021، صور أقمار صناعية وتقييمات استخبارية أمريكية تثبت من خلالها بناء المملكة العربية السعودية منشآت لتصنيع الصواريخ الباليستية بمساعدة الصين. وذكرت أن مجلس الأمن القومي الأمريكي أطلع في الشهور الماضية على معلومات استخبارية سرية تكشف أن الصين قامت في أكثر من مناسبة بعمليات نقل واسعة النطاق لتكنولوجيا الصواريخ الباليستية الحساسة إلى المملكة.
• جدير بالذكر، أن السعودية تقوم بشراء صواريخ باليستية من الصين منذ نهاية الثمانينيات، حيث سعت إلى امتلاك صواريخ بعيدة المدى وقادرة على حمل رؤوس نووية من أجل مجاراة إيران التي كانت قد بدأت نشاطها النووي في فترة الثمانينيات خلال حربها مع العراق، ومع ذلك تحولت السعودية منذ عام 2019 من عمليات شراء الصواريخ إلى الحصول على تكنولوجيا تصنيع الصواريخ، وشرعت في تطوير برنامج محلي للصواريخ الباليستية بمساعدة الصين.

التحليل

  • تزايدت مشاعر عدم الرضا السعودية في السنوات الأخيرة حيال السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، في ظل العلاقات الفاترة بين محمد بن سلمان وإدارة بايدن التي مازالت تفرض عزلة دبلوماسية على ولي العهد السعودي. وتنظر السعودية بمزيد من التخوفات والشكوك تجاه دور أمريكا التقليدي في المنطقة كضامن رئيسي للأمن الإقليمي ومُوَاجِه للتهديدات الإيرانية، حيث سحبت الولايات المتحدة خلال العام الجاري بطاريات صواريخ “باتريوت” الدفاعية من السعودية وخفَّضت إلى حد كبير مبيعات الأسلحة الهجومية للرياض، وأخفقت حتى الآن في صياغة استراتيجية لكيفية مواجهة إيران التي من المحتمل أن تصبح قوة نووية.
  • بناء على ذلك، اتجهت السعودية إلى شراكات استراتيجية مع الصين؛ الشريك التجاري الأكبر للمملكة والذي يستورد 25% من إجمالي صادرات النفط السعودي، من أجل تطوير القدرات العسكرية والأنظمة الدفاعية للمملكة والتي تُمكنها من تحقيق توازن قوى ومواجهة تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة. ويأتي الاتجاه السعودي نحو الصين في إطار السياسة الخارجية المتشددة والأكثر براجماتية لولي العهد السعودي والتي تميل لتحقيق المصالح دون اعتبارت للتحالفات والشراكات القائمة والتي تختلف عن السياسة التقليدية للمملكة التي اتسمت بالحذر والتوافقية في العقود السابقة.
  • في سياق متصل، وفي ظل حدة التنافس الأمريكي الصيني سيكون من المرجح أن تتخذ أمريكا إجراءات حازمة تجاه تطور العلاقات العسكرية بين الصين والسعودية على غرار الموقف الأمريكي من التعاون العسكري بين الصين والإمارات، وتستهدف واشنطن من تلك الإجراءات الحد من التمدد الصيني في منطقة الشرق الأوسط، خاصة فيما يتعلق بالمجالات العسكرية والتكنولوجية.
  • على الجانب الآخر، تسعى السعودية وحلفاء آخرين لواشنطن بالمنطقة، خاصة الإمارات ومصر وقطر وحتى تركيا، لتطوير وتنويع خياراتهم العسكرية بما يشمل الصين وروسيا ودول أوروبية إما لاغتنام فرص اقتصادية بالنظر لارتفاع أسعار الأسلحة الأمريكية، أو لتحدي القيود السياسية المرتبطة بإقرار صفقات التسلح المهمة في واشنطن. ومع ذلك سيكون من الصعب على السعودية مواصلة الحفاظ على التوازن في علاقاتها بين واشنطن وبكين، وهو ما سيضعها أمام خيارات صعبة بين الاستجابة للمطالب الأمريكية وبين تنمية علاقتها مع الصين.