مصر وإيطاليا: القاهرة تحتاج أكثر من اللعب بورقة الهجرة غير الشرعية
سياقات - مايو 2023
تحميل الإصدار

الحدث

استقبل الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي”، في 17 مايو/أيار، وزير الدفاع الإيطالي “جويدو كروسيتّو” ورئيس هيئة الأركان المشتركة الإيطالية “اللواء جوزيبي دراجوني”. وبحسب بيان الرئاسة المصرية، تطرق لقاء مصر وإيطاليا إلى ملف الهجرة غير الشرعية ومستجدات الملفين الليبي والسوداني، فيما أشاد المسؤول الإيطالي بدور مصر “الجوهري” في استقرار منطقتي الشرق الأوسط والبحر المتوسط.

مصر وإيطاليا وملفات المنطقة

التحليل: مصر وإيطاليا وملفات المنطقة

خلال العام الماضي، صعد حزب إخوة إيطاليا للحكم بقيادة “جورجيا ميلوني” رئيسة الوزراء الإيطالية الذي يتبنى أجندة مناهضة للهجرة تركز على الهوية القومية. ومنذ بداية العام الجاري؛ حضر إلى القاهرة لمناقشة هذا الملف وزيرا الداخلية والخارجية الإيطاليين في زيارتين منفصلتين، حيث تنزعج روما من تسجيل المواطنين المصريين حوالي خمس المهاجرين غير النظاميين الذين وصلوا إلى أراضيها خلال العام الماضي، بعدما بلغ عددهم 20 ألف مهاجر من بين 93 ألف عبروا البحر المتوسط، فضلا عن تنامي هجرة الأطفال المصريين للاستفادة من القوانين الإيطالية التي تمنع ترحيل الأطفال، وتلزم السلطات بإيوائهم في مراكز تأهيل حتى بلوغهم 18 سنة، قبل منحهم حق الإقامة.

  • مع اندلاع القتال الأخير في السودان، واحتمال تدهور الوضع إلى حرب أهلية تستمر فترة طويلة، والتخوف من حدوث موجات نزوح كبيرة تجاه مصر في ظل وجود أكثر من 46 مليون مواطن سوداني، فضلا عن دور السودان كدولة عبور للاجئين من أثيوبيا وأريتريا وتشاد، فقد ازدادت المخاوف الإيطالية من حدوث زيادات كبيرة في أعداد المهاجرين نحوها، وهو ما تطلب حضور وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان لمناقشة الملف مع “السيسي”. 
  • إلى جوار ملف الهجرة غير الشرعية، تنشغل إيطاليا في الشرق الأوسط، بملف مبيعات الأسلحة. وبحسب بيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام “سيبري” عن الفترة من 2018 إلى 2022 تُعد دول الشرق الأوسط أكبر مستورد للأسلحة الإيطالية، حيث تحتل قطر المرتبة الأولى بنسبة 24%، ثم مصر بنسبة 23% ثم تركيا بنسبة 12% من إجمالي صادرات السلاح الإيطالية. كذلك يشغل ملف الطاقة مكانة محورية في السياسة الإيطالية، وهو ما يتضمن تعويض واردات الغاز الروسي بغاز مستورد من الشرق الأوسط. 
  • وضمن هذا السياق زارت رئيسة الوزراء الإيطالية ليبيا في يناير/كانون ثاني الماضي، ووقعت اتفاقية للتنقيب عن الغاز بين الجانبين بقيمة 8 مليار دولار، بينما يزور الرئيس التنفيذي لشركة إيني الإيطالية للبترول القاهرة بشكل دوري لمناقشة تطوير مشاريع التنقيب عن الغاز. كذلك وقعت إيطاليا مع الإمارات في مارس/آذار الماضي اتفاقا لرفع مستوى العلاقة الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية بالأخص في ملفي الطاقة والدفاع، وهي تحركات وإن كانت محدودة، إلا أنها تشير لاهتمام إيطاليا المتزايد بالمنطقة والقوى الفاعلة فيها.
  • وتشير هذه الزيارة لواحدة من الديناميات التي تسعى بها مصر لتجاوز الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، والإبقاء على فاعليتها الإقليمية المتراجعة. حيث يُعد ملف الهجرة غير النظامية من الملفات التي يضعها النظام المصري في قلب علاقاته مع أوروبا منذ تولي الرئيس المصري السلطة في عام 2014، من أجل ضمان الدعم الاقتصادي والتعاون العسكري والأمني. وتراهن القاهرة في الوقت الراهن على أن أهميتها في المنطقة ستدفع شركاءها في أوروبا لعدم تجاهل الأزمة الاقتصادية الراهنة في ظل ضغوط صندوق النقد الدولي وتعقد العلاقة مع الداعمين الرئيسيين من دول الخليج. وبينما ستظل مصر مهمة؛ فإن من المرجح أن تعمل إيطاليا وغيرها من القوى الأوروبية على مساعدة الحكومة المصرية، وستظل هذه المساعدة غير كافية لإنقاذ الاقتصاد المصري.