سباق الأسلحة النووية .. لماذا تتهافت الدول على امتلاكها؟

بات عالمنا اليوم أقرب إلى الدمار النووي أكثر من أي فترةٍ سابقة بعد ذروة الحرب الباردة. ويُعاد إلى الأذهان إرث جوليوس روبرت أوبنهايمر، الذي ساعد على بناء العصر النووي وكان يُلقب  بـ”أبو القنبلة الذرية”.

وتتحمل روسيا المسؤولية جزئياً، ولكن ليس حصرياً إذ تُوسّع الصين قواتها النووية بشكلٍ كبير. فيما تجري كوريا الشمالية سلسلةً من اختبارات الصواريخ وتواجه باكستان المسلحة نووياً خطر الانهيار الداخلي. 

أما الهند، فتواصل بدورها بناء قدراتها النووية، فيما أصبحت إيران على وشك إنتاج أسلحتها النووية الخاصة.

منصة أسباب وبالشراكة مع Caspian Report، تقدم لكم في هذا الفيديو تفاصيل العالم النووي الذي يجادل كثيرون بضرورة القضاء عليه.

هل تنجح عملية مراقبة الأسلحة النووية؟

 منذ تفجير أول قنبلة ذرية عام 1945، قطعت الأسلحة النووية شوطاً طويلاً نحو الأسوأ.

  • صارت حمولات الأسلحة أكبر وأكثر فتكاً
  • تضخّمت ميزانية صيانتها 
  • تداعت بنيتها التحتية
  • أضحت عملية صنع السياسات أكثر تهوّراً

 وتشير بيانات البنتاغون إلى أن عمر نصف البنية التحتية النووية الأمريكية تقريباً يتجاوز الأربعة عقود، ونجحت القوى المسلحة نووياً في تفادي الكوارث المحققة مرةً تلو الأخرى بمحض الصدفة، حيث تعطّلت أقمار الإنذار المبكر أثناء الحرب الباردة وخلط البعض بين الصواريخ الحاملة المدارية وبين الضربات النووية. كما جرى نقل أسلحة نووية نشطة عن طريق الخطأ على متن رحلةٍ جوية عبر الولايات المتحدة.

فيما تحطّمت ذات مرة طائرة تحمل قنبلة هيدروجينية داخل أمريكا الشمالية، لكن آلية السلامة فيها حالت دون انفجارها، إن نجاة العالم طوال هذه الفترة دون كارثة نووية ترجع إلى الصدفة البحتة جزئياً. لكن هل تسلم الجرة دائما؟ انتشرت الأسلحة النووية منذ الأربعينيات، وصارت أكثر تدميراً. 

  1. تزعم روسيا أنها تستطيع تدمير الساحل الشرقي الأمريكي بالكامل باستخدام صاروخين فقط من صواريخ سارمات البالستية العابرة للقارات
  2. تتمتع غواصات أوهايو الأمريكية بقوة نيرانية تكفي لمحو أكثر من 12 مدينة روسية بضربةٍ واحدة
سباق الأسلحة النووية

مخطط أمريكا لتطوير ترسانتها النووية

تخطط الولايات المتحدة لإنفاق 1.5 تريليون دولار من أجل إصلاح ترسانتها النووية عبر إعادة بناء أرجل ثالوثها النووي والبنية التحتية المكملة لكل منها،  في غضون 30 عاماً، ستكون أمريكا قد نشرت أساطيل جديدة من الصواريخ البالستية العابرة للقارات والقاذفات الشبحية ذات القدرة النووية والغواصات المسلحة نووياً،  لكن مسألة تحديث الترسانة النووية قسّمت المشهد السياسي الأمريكي إلى معسكرين.

  1. الأول: من تأثروا بحركة أوبنهايمر المطالبة بالحد من الأسلحة وهم يؤمنون بضرورة تقييد الثالوث النووي لأنه يخاطر بحدوث إبادةٍ نووية
  2. الثاني: يجادل البعض بأن الولايات المتحدة  يجب أن تطور أدواتها وألا تجفل أمام تهديدات الحرب الروسية 

لكن ليس من الممكن سياسياً القضاء على الأسلحة النووية بالكامل في عصر الصراعات الجيوسياسية المتنامية. ويشير واقع الأمور إلى رغبة المزيد من الدول في الانضمام إلى النادي النووي العالمي، بينما تسعى الدول المسلحة نووياً حالياً إلى زيادة حجم مخزونها من الأسلحة.

  • هناك نحو 12,500 رأس نووي في العالم 
  • تستحوذ روسيا والولايات المتحدة على 90% من تلك الرؤوس
  • نحو 4,000 منها قابلة لدخول الخدمة
  • لا تزال نحو 2,000 منها في حالة استعداد عالية بدرجة خطيرة جاهزة لإطلاقها رداً على أي هجوم مفترض خلال دقائق
  • نجحت الصين في تجميع أكثر من 400 رأس حربي في جزء بسيط من الوقت الذي استغرقه بناء ترسانة أمريكية بالحجم نفسه
  • يتطلع المشرعون الصينيون لزيادة حجم قواتهم النووية بمقدار ثلاثة أضعاف خلال السنوات المقبلة.
  • بحلول 2035، من المحتمل أن يكون لدى الصين نحو 1,500 رأس حربي نووي جاهز للإطلاق.

لماذا تنشر الدول الأسلحة النووية طالما أن مخاطرها مرتفعة لهذه الدرجة؟

 عندما تمتلك إحدى الدول أسلحة نووية؛ تشعر الدول الأخرى بضرورة الحصول عليها أيضاً، يسود الاعتقاد بأن المكاسب الاستراتيجية لهذه الأسلحة تفوق مخاطرها، حيث تردع الأسلحة النووية وقوع هجمات تقليدية واسعة النطاق بين القوى الكبرى.

ولا تقتصر الرغبة في القنابل النووية على روسيا وأمريكا إذ تعتمد نحو 40 دولة على مظلة الردع النووي الأمريكية. وقد يزعزع إلغاء تلك القنابل من المعادلة استقرار تلك الدول، وربما يُسفر عن زيادة الانتشار النووي في الواقع، لكن وجود سلاح نووي في أي مكان يعني أن استخدامه ذات يوم سيكون حتمياً، وإذا لم يحدث ذلك عن قصد، فسيأتي نتيجة خطأ بشري أو خطأ في النظام أو ربما نتيجة حسابات خاطئة أو سوء تقدير.

عندما تنفجر قنبلة نووية:

  • تقفز الحرارة إلى مئات -ثم ملايين- الدرجات المئوية
  • يتحول السلاح إلى بلازمة فائقة السخونة بسبب الحرارة الناجمة عن الانفجار
  • تؤدي الطاقة الناتجة عن التفاعل إلى إشعاعات سينية تشعل النيران في جزيئات الهواء

 وتبدو العملية بصرياً وكأنها كرة نارية نووية في بدايتها، لكن من الصعب التنبؤ بما سيحدث بعد سحابة الفطر، وليست هناك طريقة دقيقة لقياس تداعيات حدثٍ كهذا، حيث يقول الإجماع السائد:

  • إن حدوث صراع نووي سيسفر عن كوكب قاحل
  • سحب الدخان ستغطي نصفي الكرة الأرضية
  • من المرجح أن تحجب أشعة الشمس معها
  • ستنخفض درجات الحرارة إلى أقل من درجة التجمد في ظاهرة تُعرف بـ”الشتاء النووي”
  • ستصبح المناطق المتضررة عندها مظلمة وجافة وباردة
  • ستموت المحاصيل والماشية
  • سينهار الإنتاج الغذائي بنسبة تصل إلى 90%
  • علاوةً على من سيفارقون الحياة أثناء الانفجارات النووية سيموت خمسة مليارات آخرين بسبب المجاعة الناتجة عنها

 أي إنها ستكون نهاية شكل الحياة الذي نعرفه على هذا الكوكب، وقد يبدو وقع هذه الجملة مخيفاً للغاية.

محاولات أممية لنزع السلاح النووي

تعد الضمانة الوحيدة لعدم استخدام الأسلحة النووية هي التخلص من مخزونها بالكامل، وصحيحٌ أننا شهدنا انخفاضاً كبيراً في عدد الرؤوس النووية منذ نهاية الحرب الباردة عام 1991، حيث انخفض عددها من 65,000 تقريباً في منتصف الثمانينيات، إلى نحو 12,500 فقط اليوم.

لكن مهمة نزع المزيد من الأسلحة تظل صعبة. إذ تدعم ثلثا الدول الأعضاء في الأمم المتحدة معاهدة حظر الأسلحة النووية لعام 2017، فيما اعترضت الدول المسلحة نووياً بقوة مع جميع حلفائها تقريباً على أي شكلٍ من أشكال نزع السلاح.

وتزعّمت الأمم المتحدة مفاوضات متعددة الأطراف بشأن نزع السلاح النووي لكنها فشلت في تحقيق أي تقدم يُذكر خلال العقود الأخيرة، ويقول واقع الأمور إننا صرنا عالقين مع احتمالية الشتاء النووي الذي يلوح في الأفق  إذ لن تتخلص الحكومات من رؤوسها النووية طواعية بسبب الافتقار الشديد إلى الثقة.

تقليل الأسلحة النووية.. لا نزعها

  1.  يجب على جميع الدول المسلحة نووياً أن تصدر إعلاناً صريحاً بالتزامها بعدم توجيه الضربة الأولى
  2. يجب سحب أكبر عدد ممكن من الأسلحة من حالة التأهب القصوى الحالية
  3. يجب خفض نسبة الأسلحة النووية العالمية القابلة لدخول الخدمة بدرجةٍ كبيرة
  4. يجب خفض عدد الرؤوس النووية الموجودة من 12,500 إلى نحو 2,000 فقط مع خفض الولايات المتحدة وروسيا لمخزونهما إلى 500 رأس نووي بحد أقصى لكل منهما

ويتماشى هذا في الواقع مع الحد الأدنى الموصى به لتحقيق الردع الفعال، بحسب دراسة للقوات الجوية الأمريكية عام 2010. حيث أن الرؤوس النووية الـ500 لكل من أمريكا وروسيا ستضمن قدرة كل منهما على تدمير الآخر عدة مرات متتالية.

لكنها لن تكون كافيةً لإثارة شتاء نووي وجرّ العالم بأسره إلى الهاوية معهما لهذا يُمكن القول إن تقليل الأسلحة النووية هو أكثر حل قابل للتطبيق هنا لرسم خارطة طريق تضمن كوكباً صالحاً للعيش من أجل الأجيال القادمة.

إقرأ أيضاً:

باكستان .. هل وصلت الدولة النووية إلى حافة الانهيار؟

هل يلجأ بوتين للحرب النووية؟

صواريخ إيران فرط الصوتية تفتح لها عصرا جديدا

أستراليا تواجه تهديدات الصين بتعزيز قدراتها العسكرية بعيدة المدى