من الليبرالية إلى اليمين الصهيوني: الإصلاحات القضائية تقوض “إسرائيل” من الداخل
سياقات - مارس 2023
تحميل الإصدار

الحدث

رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”، مقترح الرئيس الإسرائيلي “إسحق هرتسوغ”، لتسوية الأزمة القضائية التي تسببت في اندلاع احتجاجات شعبية واسعة النطاق، وأصدر قادة أحزاب الائتلاف الحاكم بياناً اعتبروا فيه أن اقتراح الرئيس يعني إلغاء التعديلات. من جانبه؛ هدد وزير الدفاع “يوآف جالانت” بالاستقالة ما لم تتراجع الحكومة عن فرض خطة الإصلاحات القضائية بصورتها الحالية، محذرا “نتنياهو” من أن دعوات عصيان الأوامر العسكرية رفضا لتمرير التعديلات من شأنها أن “تمس قدرة الجيش على أداء مهامه”.
ونص مقترح “هرتسوغ”، والذي أسماه “مخطط الشعب”، على إلغاء الإصلاحات القضائية التي شرعت الحكومة بتمريرها، ولا يمنح الحكومة الأغلبية في لجنة اختيار القضاة، كما يسدل الستار على مشروع قانون “التغلب” الذي أقره الكنيست بالقراءة الأولى، والذي يجرد المحكمة العليا من صلاحية رد القوانين التي يقرها البرلمان، كما نص المقترح أيضا على أن آراء مستشاري الحكومة القانونيين ملزمة لها، باستثناء قضايا حقوق الإنسان.

تحليل: الإصلاحات القضائية تختبر النظام السياسي الإسرائيلي

تحليل: الإصلاحات القضائية تختبر النظام السياسي الإسرائيلي

تُعد الأزمة القضائية واحدة من أخطر المحطات التي تواجه دولة الاحتلال في تاريخها، وذلك لارتباطها بمستقبل هوية الدولة ومكانة “إسرائيل” دوليا، لاسيما لدى الدول الغربية، التي ترى أن تمرير الإصلاحات القضائية سيقود لتآكل النموذج الليبرالي الديمقراطي وتكريس نظام سياسي يقوم على الشعبوية وصعود اليمين المتطرف.

  • وتُدرك الإدارة الأمريكية الحالية خطورة الظرف الراهن، وهو ما جعلها تُعبر عن مواقف تشير لرفضها الاستمرار في هذا المسار، حيث أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، أن البيت الأبيض “يدعم جهود الرئيس هرتسوغ المستمرة للبحث عن حل يتوافق مع المبادئ الديمقراطية”، ووصل الأمر لدرجة أن اتهم مصدر مقرب من “نتنياهو” إدارة الرئيس الأميركي “جو بايدن” بتمويل الاحتجاجات التي تتصاعد في تل أبيب، وذكرت تقارير عبرية أن مسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية أبلغوا “نتنياهو” أن من الأفضل عدم القدوم إلى واشنطن في الوقت الحالي.
  • تشير التقديرات إلى أن “نتنياهو”، رغم اعتراضه على مقترح “هرتسوغ”، معني بالتوصل لتوافق بشأن الإصلاحات القضائية، وهو الأمر الذي أكدته تسريبات كشفت أن مقترح “هرتسوغ” تمت صياغته بالتعاون مع وزير الشؤون الاستراتيجية “رون ديرمر” المقرب من “نتنياهو”، إلا أن موقف كلّ من وزير القضاء “ياريف ليفين”، ورئيس لجنة القضاء في الكنيست “سيمحا روتمان” يحول دون ذلك، في دلالة على حجم الأزمة المركبة التي تعيشها دولة الاحتلال، فلا “نتنياهو” قادر على إدارة دفة المشهد باعتباره رئيس الحكومة، ولا المعارضة قدمت صيغة وسط للحل، الأمر الذي دفع قيادات سياسية وعسكرية للتحذير من خطورة اندلاع حرب أهلية حال إقرار “الإصلاحات القضائية”.
  • لذلك؛ ستكون الأيام المقبلة في الكنيست عاصفة، لأن من المقرر أن يقدم الائتلاف عناصر أساسية لإصلاحه القضائي المثير للجدل، بالإضافة إلى عدد من القوانين الأخرى المثيرة للجدل أيضا والمصممة لمساعدة رئيس الوزراء “نتنياهو”، وزعيم حزب “شاس” “أرييه درعي” في مشاكلهما القانونية. في حين سيتواصل خروج مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع للاحتجاج على أجندة الحكومة، مع تصاعد محتمل في عدد الهجمات العنيفة ضد المتظاهرين، فضلا عن تزايد القلق داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية مع تزايد انخراط أفرادها في الاحتجاجات.
  • في ضوء هذا؛ فإن المشهد يتجه لأحد احتمالين:
  • الأول: أن تتمسك الحكومة بخطة التعديلات دون تنازلات جوهرية، مدفوعة بالأصوات المتطرفة خاصة وزراء القضاء “يلفين” والمالية “بتسلئيل سموتريتش” والأمن القومي “إيتمار بن غفير”، وهو الأمر الذي سيقود لتغيير حقيقي على صعيد بنية النظام السياسي في دولة الاحتلال، ويؤدي لصدع كبير في المجتمع الإسرائيلي، عدا عن تراجع تدريجي في مكانتها على الصعيد الدولي.
  • الثاني: أن يُغلّب “نتنياهو” مسار التوافق، ويقبل بتعديلات حقيقية استجابة للضغوط الشعبية والخارجية خاصة الأمريكية، وهو أمر قد يقوّض تماسك الائتلاف الحكومي لاحقا، لأن الضغوط من المتوقع أن تتواصل في ظل أجندة الحكومة اليمينية التي تجلب لها المزيد من العداء الداخلي والخارجي على حد سواء.

إقرأ أيضاً:

مسقط تفتح المجال الجوي أمام الطائرات الإسرائيلية وتنتظر عوائد اقتصادية أمريكية

زيارة “كوهين” للسودان في سياق تحرك “إسرائيل” نحو علاقات استراتيجية في إفريقيا

أكثر اندماجا لكن أقل أمنا … أين باتت تقف “إسرائيل” في الشرق الأوسط؟