اتفاق وقف إطلاق النار في إقليم “كاراباخ” وتأثيراته الجيوسياسية
مآلات - نوفمبر 2020
تحميل الإصدار

الملخص

– تؤسس اتفاقية وقف إطلاق النار الثلاثية لأول مرة، وجود قوات روسية في منطقة نزاع “كاراباخ”، وتخلي أرمينيا عن سيطرتها على المقاطعات المجاورة لأذربيجان مقابل الاحتفاظ بممر “لاتشين” الاستراتيجي تحت حماية قوة السلام الروسية، وسيتم إنشاء مركز خاص لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار بمشاركة تركية.
– أظهرت الحرب أن استخدام الطائرات بدون طيار (التركية) والذخائر والصواريخ الدقيقة (الروسية والإسرائيلية) كانت حاسمة في المعركة. بينما سوف تحتاج الأنظمة الروسية إلى تقييم بعد تدمير العديد منها، وستكون أرمينيا بأمس الحاجة لتعويض قدراتها القتالية التي خسرتها التي ستستغرق سنوات.
– أنهى الاتفاق حرباً استمرت 44 يوماً، لكنه بالمقابل ترك بعض الثغرات التي ستشكل بؤرة توتر في السنين القادمة، أبرزها؛ عدم تحديد وضع ” كاراباخ” نفسها بشكل دقيق، وعدم ذكر طرق عودة اللاجئين داخليًا، وشروط استرداد الممتلكات لعودة النازحين الأذربيجانيين. وسيشكل الوضع السياسي والاقتصادي في كل من أرمينيا وأذربيجان عامل توتر إضافي.
– أعادت الاتفاقية تأكيد دور روسيا المحوري في المنطقة، لكن الطريق أمامها سوف يعتمد على نجاح علاقاتها مع أرمينيا وأذربيجان. كما سيواصل العديد في المجتمع الدولي الإصرار على حقوق الأرمن وتأمين حمايتهم، والمشاركة في مسار أي معاهدة دائمة، بما فيهم الرئيس الأمريكي المنتخب “جو بايدن”.
– من جهتها، ستسعى تركيا لتصبح لاعباً مؤثراً في المنطقة وستواصل المطالبة بدور رسمي في محادثات التسوية بعد أن استبعدتها موسكو من المشاركة المباشرة في “الاتفاق الثلاثي”، وستلعب بلا شك دورًا مهمًا للغاية في الأراضي الخاضعة للسيطرة الأذربيجانية في منطقة الصراع. 

اتفاقية ثلاثية الأطراف بتوقيع روسي

  • في وقت متأخر من يوم 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بيانًا مصوراً أعلن من خلاله توقيع موسكو على اتفاق من تسع نقاط مع كل من أرمينيا وأذربيجان، يُنهي جميع الأعمال العدائية في إقليم “ناغورنو كاراباخ”، وأكثر من شهر من القتال المكثف بين البلدين.
  • تؤسس اتفاقية وقف إطلاق النار الثلاثية لأول مرة، وجود قوات روسية في منطقة نزاع “ناغورنو كاراباخ” (يُشار إليها باسم “قوة صنع السلام” في الوثائق الرسمية الروسية)، على الأقل في الخمس سنوات المقبلة، فوفقًا للبند الثالث من الاتفاقية؛ جرى النص على نشر قوة حفظ سلام روسية قوامها 2000 فرد مجهزة بأسلحة صغيرة (90 ناقلة جند مدرعة، و380 مركبة، وعدد غير محدد من المعدات المتخصصة) على طول خط التماس، بالإضافة لممر “لاتشين” المهم استراتيجيًا والذي يربط بين أرمينيا و”ناغورنو كاراباخ”. وبحسب البند الرابع من الاتفاقية، فإن مدة انتشار قوات حفظ السلام يمكن أن تجدد تلقائياً لخمس سنوات أخرى ما لم تعترض أذربيجان أو أرمينيا قبل ستة أشهر من انتهاء التفويض.
  • ومن أجل أن تحتفظ أرمينيا بممر “لاتشين”، تحت حماية قوة حفظ السلام الروسية، اضطرت إلى تقديم تنازلات إقليمية لأذربيجان، حيث ألزم الاتفاق يريفان التخلي عن سيطرتها على المقاطعات الثلاث المجاورة لأذربيجان (الأغدام، لاكيلبجار، ولاشين)، وكذلك ضمان حركة نقل الأشخاص والبضائع بين منطقة “ناختشيفان” الأذربيجاني والمناطق الغربية من أذربيجان عبر الأراضي الأرمينية في كلا الاتجاهين.
  • وكجزء من الاتصالات المرافقة لاتفاقية 10 نوفمبر، وما تلاها من اتفاقات لاحقة، سيتم إنشاء مركز خاص لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار بمشاركة تركية، في إشارة واضحة من قبل وزارتي الدفاع الروسية لتهميش دور منظمة الأمن والتعاون في مينسك الأوروبية (OSCE)، وعلى وجه الخصوص فرنسا.
  • مقارنة بالتفاهمات الهشة السابقة، بدأت القوات الروسية نشر قواتها لحفظ السلام بعد فترة وجيزة من الإعلان عن وقف إطلاق النار. وأظهرت موسكو قدرتها القوية على النقل الجوي عن طريق إرسال 10 طائرات نقل من طراز IL-76 طوال الليل من “أوليانوفسك” إلى “غوريس” في أرمينيا. ويأتي الجزء الأكبر من قوة حفظ السلام الروسية من اللواء الخامس ومقره المنطقة العسكرية المركزية في روسيا.

الأداء العسكري للأطراف

  • في مدة لا تزيد من أسبوع إلى 10 أيام استطاعت أذربيجان أن تستعيد معظم الأراضي التي سيطرت عليها أرمينيا في 1991-199، وبمجرد أن استولت القوات الأذرية على ممر “لاتشين” وسيطرت على الطريق الوحيد من أرمينيا إلى “شوشا”، غيرت أذربيجان اللعبة في كسر دفاعات أرمينيا، وأصبح سقوط باقي المناطق أمراً حتمياً، حيث بات الجش الأرمني بدون إمدادات، وبدون حتى إمكانية سحب قواته قبل أن تُحاصر.
  • من الدروس العسكرية الأكثر أهمية في حرب ” كاراباخ”، هي أن استخدام الطائرات بدون طيار (التركية) والذخائر والصواريخ الدقيقة (الروسية والإسرائيلية) قد غيرت الصراع، وكانت النتيجة تدمير المعدات الأرمينية، بما في ذلك الدبابات والمركبات والمدفعية وقاذفات الصواريخ، وأظهرت الدفاعات الجوية أن هذه الأسلحة الجديدة كانت حاسمة. بحسب صحيفة “سبوتنيك” الروسية، فقدت أرمينيا 241 دبابة قتالية، وأربع صواريخ إس 300، واثنتين من طراز سكود، بالإضافة لأنظمة الصواريخ التكتيكية.
  • وتبدو الخسائر أكثر من ذلك بكثير، إذا أخذنا بالاعتبار عدد الدبابات غير المدرج علنًا ​​في مخزون الجيش الأرمني، وحقيقة أن الروس غير معنيون بالإعلان عن الأرقام الحقيقية، حيث أن جميع تلك الدبابات، هي دبابات قتال روسية الصنع T90s و T-72s. إضافة إلى أن خسارة أربعة أنظمة دفاع (إس -300) هو فعلياً انتصار كبير ضد الأنظمة الروسية. ناهيك عن أن تقرير “سبوتنيك” لا يغطي تدمير نوعين من الصواريخ متعددة الاطلاق الأنظمة التي تستخدمها أرمينيا – Smersh BM 30 MLRS و جراد BM-21 MLRS، وأنظمة دفاع جوي أخرى دمرتها طائرات تركية بدون طيار من قبل أذربيجان.
  • بالمقارنة، يبدو أن تركيا و”اسرائيل” قد حققتا انجازاً متميزاً في حرب “ناغورني كاراباخ” مما سيُضيف دون شك لسمعتهما في التصنيع العسكري. وتبين أن أذربيجان كانت أكثر احترافية في القتال من أداءها في حرب 1991-1992 بكثير، نتيجة لاستخدامها التكنولوجيا المتطورة الموردة لها من قبل حلفاءها.
  • ينبغي لتركيا أن تكون مسرورة بالأداء الممتاز لطائرات Bayraktar بدون طيار التي قدمتها لحليفها الأذري، حيث عملت بكفاءة عالية في الحرب، وواجهت الدفاعات الجوية الروسية صعوبة كبيرة في الكشف عنها. وبعكس ذلك، كانت أنظمة 300s- عرضة لهجمات (Bayraktar) من علوات منخفضة (600 إلى 1200 متر) ومن حوالي مسافة ميل واحد. وكذلك من الواضح أن طائرات إف -16 التركية المتفوقة فرضت قيودًا على أي استخدام أكثر تقدمًا للقوة الجوية من قبل أرمينيا وروسيا، كونها مواجهة لا يريدها الروس قد تجر لحربًا أكبر مع المزيد من أصول سلاح الجو التركي.
  • وعلى الرغم من النفي التركي، إلا ان العديد من التقارير تشير إلى أن العسكريين الأتراك كانوا جزءاً لا يتجزأ من القوات الأذربيجانية، وأن تركيا ساعدت بشكل فاعل في إمداد أذريبجان بمقاتلين على خطوط المواجهة الأمامية.
  • الصواريخ الإسرائيلية الدقيقة (Harop و LORA)، كذلك كان أداؤها جيدًا جدًا، وجزء مهم من قطع طريق “شوشا” الحاسم في المعركة كان عبر تدمير الجسر الرئيسي الذي يربط أرمينيا بشوشا من قبل صاروخ (LORA)، كما زودت “إسرائيل” أذربيجان بأنظمة دفاع جوي بما في ذلك “القبة الحديدية” و”براك 8″ (حتى الآن لا يوجد تقارير متاحة عن أدائهم). 
  • أرمينيا هي الخاسر الواضح، حيث تعرضت لضربة كبيرة في الحرب وفقدت العديد من الجنود ومعظم قدرتها القتالية، وسوف تحتاج إلى سنوات لتعويض ذلك. مع الأخذ بعين الإعتبار بأن ما لدى أرمينيا من معدات للرد كانت قليلة أصلاً، ولم تلعب القوة الجوية الأرمينية أي دور تقريبًا في القتال، بسبب قدم طائراتها المقاتلة من طراز (Su-25s)، وهي في الأساس طائرة هجومية روسية، تفتقر إلى نظام إنذار صاروخي حديث، ويرى المختصون بأنه يجب احالتها للتقاعد عاجلاً. ووفقا لوزارة الدفاع الأذرية، القوات الأذربيجانية أسقطت ثلاث طائرات Su-25s على الأقل. 
  • بالمقابل، كانت الخسائر الأذرية هي الأقل، وفقاً لما صدر حتى الآن، خسرت أذربيجان 26 دبابة (النماذج غير محددة) و24 طائرة بدون طيار (الأنواع غير محددة، ولكن بشكل رئيسي طائرات دون طيار Bayraktar TB2).

اتفاق سلام مرحلي دون حل للقضايا الأمنية الأوسع

  • بالرغم أن اتفاق السلام الموقع بين أرمينيا وأذربيجان أنهى حرباً استمرت 44 يوماً، لكنه ترك بعض الثغرات التي ستشكل بؤرة توتر في السنين القادمة، لا سيما مع وجود ارث ثقافي وصراع طويل ممتد بين البلدين منذ تأسيس جمهورية القوقاز السوفيتية تحت الاتحاد السوفيتي في عشرينيات القرن الماضي.
  • ووفقاً للاتفاقية، سيتعين على أرمينيا الانسحاب من المقاطعات الأذربيجانية الخاضعة للسيطرة الأرمينية والتي تحيط بـ”ناغورنو كاراباخ”. ومع ذلك، الصفقة لم تحدد وضع ” كاراباخ” نفسها بشكل دقيق، حيث أنها منطقة معترف بها دوليًا ضمن دولة أذربيجان ولكنها تخضع فعليًا لسيطرة عرقية الجمهورية الأرمنية (غير معترف بها). ولا تزال مكانًا ذا أهمية لكلا الطرفين ومفتاحاً لهوياتهم الوطنية. كما أن الاتفاق لم يذكر طرق عودة اللاجئين داخليًا، وشروط استرداد الممتلكات لعودة النازحين الأذربيجانيين.
  • ذلك التناقض، سيُبقى الوضع في الإقليم مصدراً للتوتر بين البلدين، حيث لن تتخلى أذربيجان بسهولة عن مطالباتها بالإقليم، فيما ستبقى أرمينيا مصرة دوماً على الدفاع عن السكان الأرمن هناك، ولن يمنع الاتفاق استمرار التنافس بينهما للسيطرة على “كاراباخ” في السنوات القادمة. ومن غير المستبعد شن حملة عسكرية أذربيجانية جديدة للسيطرة على اقليم “ناغورني كاراباخ” نفسها مستقبلاً، على الرغم من أنه يظل أقل احتمالًا طالما بقيت قوات حفظ السلام الروسية موجودة.
  • في البعد الداخلي، أثر اتفاق السلام بشكل بالغ على شعبية رئيس الوزراء الأرميني ” نيكول باشينيان”، حيث ينظر الأرمن إلى الاتفاق باعتباره هزيمة مؤلمة، ويرى الكثيرون أن “باشينيان” هو المسؤول الرئيسي عن ذلك، وفي ليلة التوقيع على الاتفاق نُظّمت احتجاجات واسعة في العاصمة يريفان، واقتحم بعض المتظاهرين المباني الحكومية والبرلمان، وجرى الاعتداء على النواب ونهب مكتب رئيس الوزراء.
  • وقد لا تقف الأمور عند هذا الحد، إذ من غير المستبعد أن يجبر الضغط “باشينيان” على التنحي، وعلى الرغم من عدم وضوح حتى اللحظة من سيخلفه، إلا انه من المرجّح أن سياسات الحكومة القادمة ستكون استمراراً لذات الأجندة، مع التركيز أكثر على الإصلاحات المؤسسية والاقتصادية، خاصة مع وجود أغلبية ساحقة في البرلمان مازال يتمتع بها تحالف ” My Step Alliance” الحاكم.
  • بالمقابل، كانت المكاسب السياسية من نصيب الرئيس الأذربيجاني “إلهام علييف”، الذي حقق نصراً ملموساً على أرمينيا، خاصة وأن الاتفاق يتضمن سيطرة “باكو” على مدينة شوشي/شوشا ذات الأهمية الثقافية للأذربيجانيين، ويضمن ممراً عبر أرمينيا يربط الجسم الإقليمي الرئيسي لأذربيجان مع “ناختشيفان”. وسيكون الرئيس “علييف” في أمس الحاجة لهذه المكاسب في ظل ما تواجهه حكومته من أزمة على صعيدي: الإنخفاض النسبي لأسعار الخام في اقتصاد يعتمد على النفط، وإدارة انتشار وباء Covid-19.  إضافة لذلك، هناك نظرة الحذر داخل أذربيجان للوجود العسكري الروسي، والتي وصلت إلى حد المعارضة الصريحة، كما فعل زعيم الجبهة الشعبية الأذربيجانية (المعارضة) في بيان مصور يوم 10 نوفمبر. وهو ما قد يعكّر على الرئيس “علييف” نشوة نصره.

تنافس جيوسياسي مستمر في المنطقة

  • بعد إحجامها عن التدخل المبكّر لاحتواء التصعيد في ” كاراباخ”، نجحت موسكو في اللحظة الأخيرة بالتوسط لإنهاء الحرب من خلال الاتفاقية الثلاثية التي وقعها رؤساء روسيا وأذربيجان وأرمينيا، بدون مشاركة مجموعة “مينسك” التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (يشترك في رئاستها ممثلون من روسيا والولايات المتحدة وفرنسا)، مما أعاد تأكيد دور روسيا المحوري في المنطقة، خاصة وأن الاتفاقية تؤسس لأول قاعدة عسكرية روسية كبرى داخل أذربيجان، وسمحت بانتشار أوسع للوجود العسكري الروسي في جنوب القوقاز.
  • لكن الطريق أمام موسكو لا يزال غير واضح، وسوف يعتمد تطور علاقات روسيا مع أرمينيا وأذربيجان على قدرتها على ترجمة نجاحها في فرض الوقف إلى تحقيق سلام دائم في المنطقة. خلاف ذلك، سينتهي الأمر بتكرار أخطاء اتفاقية وقف إطلاق النار عام 1994 السابقة، والتي انهت حرب دامت ست سنوات وتوسطت فيها روسيا أيضًا، لكنه لم يرافقها معاهدة سلام دائمة مما أدى في النهاية إلى إعادة التصعيد.
  • من جهة أخرى، سيواصل العديد في المجتمع الدولي الإصرار على حقوق الأرمن وتأمين حمايتهم، والمشاركة في مسار أي معاهدة دائمة، وهو موقف عبّر عنه الأمين العام للأمم المتحدة، عندما رحب بالاتفاق ودعا لبدأ مفاوضات موضوعية تحت رعاية مجموعة “مينسك”، ونفس الأمر دعا له وزير الخارجية الفرنسي، حيث طالب باستئناف فوري للمفاوضات تحت رعاية “مينسك” للسماح بعودة النازحين ومن أجل تحديد “الوضع المستقبلي” لناغورنو كاراباخ. 
  • وعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ظل بعيدًا إلى حدٍ كبير عن الأزمة، إلا أنه من المحتمل أن يأخذ الرئيس الأمريكي المنتخب “جو بايدن” المزيد من القرارات والموقف المؤيدة للأرمن، على غرار فرنسا، بالنظر إلى صلاته الطويلة مع الشتات الأرمني في الولايات المتحدة، والتصريحات التي أدلى بها بالفعل إلى وقف تقديم الولايات المتحدة المساعدات العسكرية لأذربيجان.
  • من جهتها، ستسعى تركيا التي أيدت ” باكو” أثناء الحرب، دبلوماسياً وعسكرياً، وعززت نتيجة الحرب من نفوذها في جنوب القوقاز ودفعتها لتصبح لاعباً مؤثراً في المنطقة، لتشكيل تسوية مستقبلية لصالح حليفتها أذربيجان، وستواصل أنقرة المطالبة بدور رسمي في محادثات التسوية بعد أن استبعدتها موسكو من المشاركة المباشرة في “الاتفاق الثلاثي”، وستلعب بلا شك دورًا مهمًا للغاية في الأراضي الخاضعة للسيطرة الأذربيجانية في منطقة الصراع. 

مآلات الاتفاق …. هدوء يحمل بذور توترات مستقبلية 

  • بينما من المرجّح أن يؤمن وقف إطلاق النار نهاية الجولة الأخيرة من معارك إقليم “كاراباخ”، سيبقى الوضع الأمني ​​عموماً في منطقة القوقاز متقلبًا، في ظل كون الطرفين المتصارعين لا يزالان بعيدين جدًا عن الاتفاق على شروط دائمة للسلام، وخضوع الوضع الميداني لاختبار للدور الروسي في منع حدوث انتهاكات للاتفاق.
  • وقد تدفع ضغوط محلية أكبر، السلطات الأذرية، التي تتمتع بالجرأة العسكرية، إلى إحياء الصراع في “ناغورني كاراباخ” مستقبلاً، والسعي لضمها. وفي هذا السيناريو، فإن أرمينيا – على الرغم من النكسة الأخيرة- من المحتمل الرد بعمل عسكري، مما يؤدي إلى مزيد من الصراع المسلح، وسيكون في حينها موقف إدارة الرئيس “بايدن” والموقف الروسي أحد المحددات الرئيسية لمسار الصراع.
  • من جهة أخرى، ستقوض خسارة أرمينيا، والتسوية التي فرضت عليها من روسيا، العلاقات بين يريفان وموسكو، وقد يدفع ذلك الحكومة الأرمنية نحو شراكة أوثق مع الغرب، أملاً في تأمين ضغط دولي على باكو لفرض تنازلات سياسية. ومع ذلك، لن تتخلى روسيا بسهولة عن منطقة نفوذها في أرمينيا، وستستغل الإرادة الداخلية المهزومة للقادة الأرمن، والوضع الاقتصادي والسياسي المتدهور، بما فيه احتمالية الإطاحة بحكومة “باشينيان”، للضغط أكثر على يريفان. 
  • سيؤمن الانتصار العسكري الذي حققته أذربيجان بدعم من تركيا نفوذاً أكبر لأنقرة في جنوب القوقاز، وربما كلاعب سياسي في المحادثات المستقبلية، وستحافظ تركيا على وجودها، بما في ذلك القوات العسكرية ونقاط المراقبة الروسية التركية المشتركة، من خلال العلاقات الثنائية مع أذربيجان، وسعي باكو الأرجح إلى موازنة الوجود العسكري الروسي على أراضيها بالقوات والسلاح التركي. وستعمل تركيا اقتصادياً على زيادة حصتها في التجارة الإقليمية من خلال الاستفادة من الطرق البرية عبر أذربيجان التي حققها.

مصادر اعتمدنا عليها

  • IHS Global Insight Limited ,November 10 2020 
  • Fitch , Armenia-Azerbaijan Peace Deal Leaves Wider Issue Of Nagorno-Karabakh Unresolved, November 12, 2020
  • Control risk. Outside powers to retain significant geopolitical influence in South Caucasus ,November 12, 2020
  • Asia times ,The military lessons learned in Nagorno-Karabakh ,November 10 2020